نظرة على الموسم السياحي المتعثر
سألت أحد مكاتب السياحة عن وجود مؤشرات للموسم السياحي هذا العام، فكان الجواب: "أبداً ليس هناك أي مؤشر ولم يختلف الوضع عما سبق لأن السياحة أساسها الأمن والأمان، وفي حالات عدم الاستقرار يكون القطاع السياحي أول المغادرين وآخر العائدين، وطالما الوضع الأمني لم يشهد الاستقرار الكافي فإن النشاط السياحي لن يتغير، ولاسيما أن هناك منافسة وخدمات أفضل في دول الجوار". وحول ما نراه في الشارع قال: هؤلاء عائدون للاستقرار أو لتفقد ممتلكاتهم والاطمئنان على الأهل واستكشاف الواقع ولا يمكن تصنيفهم بين السياح.
تسميات بين الحرمان والترف
على عكس مقولة "إن السياحة أول مَن يغادر وآخر مَن يعود"، هناك سياحة تترافق وتدخل مع الحروب يُمكن تسميتها "بالسياحة القذرة"، ومن أنواعها سياحة المخدرات، والسياحة الجنسية، وسياحة زيارة مواقع القتال والمعتقلات، كما حصل في سجن صيدنايا، وجوبر، وقبلها على مدى سنوات لمواقع مدمرة في القنيطرة حيث البيئة المناسبة. والغريب في الأمر أن تُصنف هذه الأمور بأنواع سياحية فيما تعتبر اجتماعياً بالمغامرات والجرائم التي تخلفها الحروب، إذ تكثر الجرائم كلما طال الزمن وترتفع نسبتها. ومن المؤشرات الإيجابية للسياحة "القذرة" أنها عندما تتراجع، فذلك يعني بدء حالة تعافي وانضباط في المجتمع. وفي الحالة السورية فقد بدأت تتراجع السياحات "القذرة" مع تدمير البنية التحتية لصناعة المخدرات وملاحقة شبكاتها، وهذا مؤشر غير معلن عن بداية تعافي القطاع السياحي.
سياحة الانتحار: وجه آخر للأزمة
من غرائب التصنيف السياحي أن يكون الموت في حالات معينة مصنفاً كأحد الأنواع السياحية، وهناك نوع يُعرف "بسياحة الانتحار" ظهر بعد ارتفاع حالات الانتحار في العالم بسبب الظروف والأزمات المالية. وفي هذه الحالة بدل أن يذهب السائح إلى بلد للتنزه أو العلاج يذهب بحثاً عن موت رحيم يضع فيه حداً لحياته بإشراف اختصاصيين لهم علاقة بمهنة الطب بحيث يقدمون طرق للموت الرحيم بلا ألم.
سياحة الانتحار ليست تصنيفاً عشوائياً، بل لها اعتمادية في بعض البلدان ومقوننة بشكل رسمي انطلاقاً من مبدأ الحرية الشخصية، ولاسيما في سويسرا التي يقصدها أشخاص يرغبون في إنهاء حياتهم من دول أوروبية.
ميزات خاصة لسياحة واعدة
بما أن المنافسة كبيرة بين الدول على استقطاب السياح لا بد من العمل على الميزات الخاصة لسوريا في المجال السياحي، ولاسيما تلك التي توفرها الطبيعة والمناخ، وقد يكون التركيز على ما يسمى بسياحة الاسترخاء هو الأفضل كونها تبتعد عن الاكتظاظ وتعتمد على الطبيعة ومجتمعاتها المحلية بما تقدم من منتجات طبيعية ومواقع ومطلات جبلية تؤهلها لتكون مراكز للنقاهة الصحية والاستمتاع بالطبيعة.
الاسترخاء الصناعي وسياحة الانقطاع عن العالم
اليوم بدأ ينتشر في العالم نوع جديد من السياحة بعيداً عن الذكاء الصناعي وكل أشكال التطور والثورات التقنية، النوع السياحي الجديد قد تصح تسميته بسياحة الانقطاع عن العالم وهو شكل متقدم عن سياحة الاسترخاء التي تركز على الطبيعة.
ما يجمع بين سياحة الانقطاع عن العالم وسياحة الاسترخاء أن كليهما يعتمد على الطبيعة، ولكن سياحة الانقطاع عن العالم تتميز بالابتعاد عن أي وسيلة من وسائل الاتصال وتركز فقط على الاستمتاع بالطبيعة ومنتجاتها.
تشبه التصنيفات السياحية إلى حد بعيد عالم الأزياء، فالألبسة "المخزقة" التي يرتديها الفقراء من شدة الفقر تبدو قمة الموضة في دول أخرى وتباع بأعلى الأثمان، وهكذا السياحة، ناس تعيش على ما تقدمه الطبيعة وكأنها خارج الكوكب من الفقر، وناس تدفع وتسرف للوصول إلى أماكن منعزلة لتعيش بعيداً عن كل التقنيات لتأكل مما تقدمه الطبيعة.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الثورة