الثلاثاء, 2 ديسمبر 2025 10:41 PM

الاقتصاد العالمي في 2026: استقرار حذر يواجه تهديدات ثلاث فقاعات رئيسية

الاقتصاد العالمي في 2026: استقرار حذر يواجه تهديدات ثلاث فقاعات رئيسية

دمشق-سانا: يتوقع أن يشهد عام 2026 استقراراً نسبياً في الاقتصاد العالمي بعد التقلبات التي شهدتها الأسواق في عام 2025. ومع ذلك، يحذر خبراء من أن هذا الهدوء الظاهري يخفي وراءه تحديات متراكمة مثل التضخم ومخاطر أسعار الفائدة، بالإضافة إلى المخاطر الناجمة عن ثلاث فقاعات اقتصادية مترابطة تهدد استقرار النظام المالي الدولي، وذلك وفقاً لتقارير حديثة صادرة عن مؤسسات دولية.

يشير تقرير صادر عن فيتش سوليوشنز إلى أن عمليات إعادة ضبط التعريفات الجمركية الحادة قد وصلت إلى نهايتها إلى حد كبير، مع استمرار بعض الاستثناءات والقيود السياسية التي تحد من التصعيد التجاري. ومن المتوقع أن يدعم هذا التطور استمرار انخفاض التضخم، على الرغم من أنه سيظل أعلى من المستهدف في العديد من الاقتصادات المتقدمة والناشئة.

ويوضح التقرير أن معدل نمو الاقتصاد العالمي سيبلغ 2.6% في عام 2026، وهو نفس المعدل المسجل في عام 2025، مع وجود تباين واضح بين المناطق المختلفة. فمن المتوقع أن تشهد بعض الأسواق الصاعدة نمواً ضعيفاً بنسبة 1.6%، في حين ستقود ألمانيا وأستراليا تعافياً تدريجياً.

سياسات نقدية أكثر تحفظاً

تتوقع فيتش أن تستمر دورة التيسير النقدي التي بدأت في عام 2024، ولكنها ستفقد زخمها مع وصول عدد من البنوك المركزية إلى مستويات الفائدة النهائية. ومن المتوقع أن تخفض ستة بنوك مركزية في الأسواق الناشئة أسعار الفائدة بمجموع 125 نقطة أساس في عام 2026، وهو ما يمثل نصف ما تم خفضه تقريباً في عام 2025. أما الاحتياطي الفيدرالي الأميركي وبنك إنكلترا فسيكتفيان بخفض متواضع يبلغ 50 نقطة أساس لكل منهما، في حين يصل البنك المركزي الأوروبي وكندا إلى مستويات الفائدة النهائية. ومع ذلك، يبقى الحذر هو السمة الأبرز لسياسات البنوك المركزية نتيجة استمرار المخاطر التضخمية وارتفاع كلفة التأمين على السندات.

فقاعات تهدد النظام المالي

بالتوازي مع توقعات الاستقرار، يكشف المنتدى الاقتصادي العالمي عن أخطر تهديد مالي يواجهه العالم منذ أكثر من عقدين، وهو يتمثل في ثلاث فقاعات كبرى متزامنة تشمل الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة والديون العامة والخاصة.

  • فقاعة الذكاء الاصطناعي: تدفقات بمليارات الدولارات نحو البنية التحتية الرقمية، مع سندات تجاوزت قيمتها 90 مليار دولار للشركات الكبرى، وتحذيرات من أن أي انفجار مفاجئ قد يترك مراكز بيانات بمليارات الدولارات بلا استخدام.
  • فقاعة العملات المشفرة: هبوط البيتكوين الأخير أثار قلقاً واسعاً، وجعل السوق قناة سريعة لانتقال الصدمات المالية بين القطاعات.
  • فقاعة الديون العالمية: الدين العام تجاوز 100 تريليون دولار، فيما بلغ إجمالي الدين العام والخاص أكثر من ثلاثة أضعاف الناتج العالمي، ما يقيّد قدرة الحكومات على التدخل عند حدوث صدمة.

رؤى متباينة

بينما يحذر المنتدى الاقتصادي العالمي من "انفجار مالي مترابط"، تقدم وكالة ستاندرد آند بورز رؤية أكثر تفاؤلاً، مؤكدةً أن آثار الرسوم الجمركية الأمريكية تبقى طفيفة حتى الآن، وأن الاستثمار الضخم في الذكاء الاصطناعي يضخ زخماً إيجابياً في قطاع التقنية داخل الولايات المتحدة وخارجها.

ويرى الاقتصادي البارز مارتن وولف أن العالم يدخل مرحلة "تصدّع هيكلي" تقود إلى انقسام اقتصادي بين كتلتين: واحدة تتمركز حول الولايات المتحدة، والأخرى حول الصين، فيما تجد الدول غير المنحازة نفسها وسط منافسة محتدمة. هذا التحول لا يعني نهاية العولمة، بل إعادة تشكيلها وفق قواعد جديدة للتجارة والاستثمار وسلاسل الإمداد.

ويبدو عام 2026 أكثر هدوءاً من صدمات 2025، لكنه استقرار هش محفوف بالمخاطر، حيث إن التضخم يتراجع دون أن يختفي، والفوائد تنخفض بحذر شديد، والفقاعات الثلاث تعيد إنتاج هشاشة شبيهة بالأزمات الكبرى السابقة. وبينما تبقى السيناريوهات مفتوحة، يرجّح اقتصاديون أن يكون العام القادم اختباراً لقدرة الحكومات والشركات على امتصاص الضغوط قبل تحوّلها إلى أزمة عالمية.

مشاركة المقال: