الأربعاء, 12 نوفمبر 2025 03:02 PM

صدمة في دمشق: سرقة تماثيل أثرية من المتحف الوطني تثير قلقاً واسعاً

صدمة في دمشق: سرقة تماثيل أثرية من المتحف الوطني تثير قلقاً واسعاً

أفادت مصادر إعلامية بتعرض المتحف الوطني السوري في دمشق لسرقة ستة تماثيل قديمة. الخبر الذي نشرته وكالة «أسوشيتد برس» أولاً، ثم تناقلته وسائل الإعلام السورية، أثار تساؤلات حول أسباب معرفة وسائل الإعلام الأجنبية بالحادث قبل وسائل الإعلام المحلية والرسمية.

تعتبر هذه السرقة اعتداءً على الهوية السورية، بل هوية المنطقة بأسرها المتجسدة في تاريخها العريق. إنها خسارة لا تطال سوريا وحدها، بل تمس ملايين البشر الذين تعاقبوا على هذه الأرض، ومليارات آخرين حول العالم.

إنّ من يعرف المتحف الوطني في دمشق يدرك حجم هذه الخسارة وأثرها على المدينة. ورغم فظاعة ما حدث، فإن الأوضاع العامة في سوريا تزيد من وطأة الحزن، حيث يعاني الناس من ظروف معيشية صعبة تتفاقم يوماً بعد يوم. هذا الوضع ليس جديداً على السوريين، فالنظام السابق أسس لهذا الخراب والفقر والمعاناة المستمرة. ورغم أن النظام الحالي ورث تركة ثقيلة، إلا أنه لم يظهر حتى الآن الكفاءة اللازمة لإدارة الدولة ومؤسساتها.

يلاحظ المراقبون أن بعض الموظفين الجدد يقابلون أي انتقاد بالمقارنة مع النظام السابق، وكأن أخطاء الماضي تبرر أي تقصير حالي. ولكن، إذا كان الأمر كذلك، فما الداعي إلى تغيير النظام؟ هذه المقارنة تعكس عدم ثقة البعض في قدرتهم على تقديم أداء أفضل، وتدل أيضاً على اهتمامهم برضا المواطنين.

إن غياب الدولة في بعض المناطق، وتراجع هيبتها في مناطق أخرى، يشجع على مثل هذه التجاوزات. كما أن ولاء بعض الموظفين لفصائلهم وانتماءاتهم يضعف من قدرتهم على خدمة الدولة. ففي العديد من المؤسسات، يتجاوز تأثير بعض الشيوخ والنافذين سلطة الوزراء والمديرين.

سوريا بلد كبير، وحدودها السياسية تمتد إلى عواصم العالم، حيث تتأثر قراراتها بصناع السياسات في واشنطن وموسكو وأنقرة والدوحة وأبو ظبي والرياض وطهران وباريس وغيرها. وحتى لو تم تقسيم سوريا، فإن تأثيرها لن يتلاشى تماماً. لكن كل ذلك يتوقف على فهم القيادة في دمشق للتحولات في موازين القوى العالمية. ولعل عدم إدراك بشار الأسد لهذه التحولات كان من أسباب الأزمة التي تمر بها البلاد. فالوضع لا يزال متوتراً، والحرب في أوكرانيا مستمرة، والوضع في غزة لم يستقر، والأوضاع في لبنان مرشحة للتدهور.

وإن كان لجوء الرئيس السوري أحمد الشرع إلى الولايات المتحدة الأميركية، ورئيسها دونالد ترامب، يُشعِر سوريا والسوريين بأنهم دخلوا حيز الأمان، فإن احتمالات التدهور قائمة في أي لحظة، لأسباب عدة، منها أن الصين لم تحسم أمرها من الحكم القائم في دمشق، وروسيا ما زالت في صراع مع أميركا، وإن اتفقتا الآن، فما الضامن أن خلافهما في أوكرانيا لا يُترجم في المدن السورية، في شرق البلاد أو غربها.

سوريا التي غيبها نظام البعث عن السياسة لعقود، ليست غائبة اليوم، لكنّ شعبها -وبعض مسؤوليها- ما زال يتعامل مع فهم السياسة كفهم جنين خرج لتوّه إلى العالم. ولذلك تمشي الشتائم بين السوريين عند أي خلاف على «وسائل الإعلام الجديدة» وكأن لا لغة أخرى لدى السوريين، والحقيقة أن السوريين شعب محترم وخلوق ولطيف المعشر، وعهد الناس بهم لسانهم الحلو، الذي يُخرِج «الحية من جحرها» كما يقول المثل. لكنّ «الجنين» ريثما يتعلّم النطق، على أهل الحكم العمل بالحكم الرشيد لتهدئة الناس، وإفهامهم بأن سرقة المتحف الوطني، تعني أن اللص الذي سرق المتحف الوطني في دمشق، قرّر انتزاع سوريا من تاريخها، أو العكس، والله أعلم.

* كاتب عربي

أخبار سوريا الوطن١- الأخبار

مشاركة المقال: