الثلاثاء, 2 ديسمبر 2025 10:12 PM

عملية مشتركة سورية أمريكية ضد داعش: دلالات سياسية تتجاوز مكافحة الإرهاب

عملية مشتركة سورية أمريكية ضد داعش: دلالات سياسية تتجاوز مكافحة الإرهاب

كشفت مصادر مطلعة عن تطور لافت في الساحة السورية، تمثل في إعلان القيادة الوسطى الأميركية "سنتكوم" عن تنفيذ عملية مشتركة مع وزارة الداخلية السورية ضد فلول تنظيم داعش الإرهابي. واعتبرت المصادر هذه العملية رسالة دعم لدمشق في مواجهة محاولات إسرائيل للترويج لمبررات واهية لاعتداءاتها المتكررة على الأراضي السورية.

أعلنت "سنتكوم" عن تدمير أكثر من خمسة عشر موقعاً يستخدمها تنظيم داعش كمستودعات أسلحة في جنوب البلاد، وذلك خلال الفترة من 24 إلى 27 تشرين الثاني الماضي. ونُفّذت العملية عبر غارات جوية وتفجيرات برية بالتنسيق مع قوات سورية عاملة في محافظة ريف دمشق.

أفاد بيان "سنتكوم" بتدمير أكثر من 130 قذيفة هاون وصاروخاً، وعدداً من البنادق الهجومية والرشاشات والألغام المضادة للدبابات، بالإضافة إلى مواد تستخدم في تصنيع العبوات الناسفة وكميات من المخدٔرات. وأكد قائد القيادة الوسطى الأميركية، الأدميرال براد كوبر، أن العملية تهدف إلى "ضمان استمرار المكاسب ضد تنظيم داعش ومنع فلوله من إعادة تنظيم صفوفهم أو تنفيذ هجمات تهدّد الأمن الإقليمي والدولي".

بالتزامن مع إعلان واشنطن، كشفت وزارة الداخلية عن تنفيذ وحداتها، بالتعاون مع جهاز الاستخبارات العامة، عمليتين أمنيتين نوعيتين استهدفتا خلايا تابعة لداعش في منطقتي الدانا وغرب مدينة إدلب. أسفرت العمليتان عن ضبط أحزمة ناسفة وعبوات متفجرة وأسلحة فردية، إضافة إلى اعتقال عناصر متورطين في جرائم إرهابية، بينها قتل مدني ودفنه في محيط معرة مصرين. وأوضحت الوزارة أنه جرى "تحييد" اثنين من عناصر الخلايا بعد رفضهما الاستسلام.

اعتبرت مصادر متابعة أن إعلان "سنتكوم" عن تعاون مباشر مع دمشق يحمل دلالات سياسية لافتة، ويأتي في وقت يشهد تصعيداً إسرائيلياً متكرراً عبر توغّلات واعتداءات تحت ذريعة "ملاحقة عناصر إرهابية". وترى المصادر أن إبراز الجانب الأميركي لهذا التعاون يُعدّ إشارة إلى الثقة بقدرة الأجهزة السورية على ملاحقة التنظيمات الإرهابية، بما يناقض الرواية الإسرائيلية التي تحاول تصوير الأراضي السورية كـ "مجال منفلت" أمنياً لتبرير تدخّلاتها.

توجّه هذه التطورات رسالة مفادها أن واشنطن تدرك أهمية دور المؤسسات الأمنية السورية في مكافحة الإرهاب، وهو ما يعزّز موقع الدولة السورية في مواجهة محاولات "خلط الأوراق" التي تسعى إليها "تل أبيب" عبر عملياتها العسكرية.

يعكس التزامن بين عمليات الجنوب التي شاركت فيها الولايات المتحدة، والعمليات الأمنية التي نفّذتها الداخلية السورية في الشمال، صورة أكثر شمولية عن الجهد الأمني ضد خلايا التنظيم. وتظهر التطورات أن دمشق تعمل على تفكيك شبكات داعش على امتداد الجغرافيا السورية، في حين تستفيد واشنطن من هذا التنسيق لضمان عدم عودة التنظيم إلى النشاط.

تؤكد العملية المشتركة بين واشنطن ودمشق وجود قنوات تنسيق أمنية تجمّع الجانبين عند نقطة مشتركة هي مواجهة داعش، كما يبرز هذا التعاون كرسالة دعم أميركية مفادها أن استقرار سوريا يظل عاملاً أساسياً في الحد من تمدّد الإرهاب، وفي ضبط إيقاع التوترات الإقليمية.

يمثّل التعاون الميداني الأحدث بين سوريا والولايات المتحدة في مكافحة داعش تطوراً سياسياً لافتاً، إذ يتجاوز طبيعته الأمنية ليحمل رسائل واضحة تتعلق بالاستقرار الإقليمي، وبتوازن القوى، وبسياسة الولايات المتحدة في التعامل مع التهديدات الإرهابية من جهة، ومع التدخلات الإسرائيلية من جهة أخرى. وقد يفتح هذا التعاون الباب أمام ترتيبات أمنية أوسع في المرحلة المقبلة.

الوطن

مشاركة المقال: