الأربعاء, 12 نوفمبر 2025 10:53 AM

غيرة الرجل من نجاح زوجته: تحليل لظاهرة اجتماعية وتأثيرها على الحياة الأسرية

غيرة الرجل من نجاح زوجته: تحليل لظاهرة اجتماعية وتأثيرها على الحياة الأسرية

في عالم يشهد تقدماً نحو المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، تظهر ظاهرة نفسية اجتماعية تستدعي التفكير، وهي غيرة الرجل من نجاح زوجته. هذه الظاهرة، التي قد يراها البعض من بقايا الماضي، لا تزال حاضرة بأشكال متنوعة، وإن تغيرت مظاهرها لتواكب الحداثة.

ترى الاختصاصية الاجتماعية سوسن السهلي أن جذور هذه الغيرة تعود إلى عوامل تاريخية واجتماعية ونفسية متشابكة. تاريخياً، تربت الأجيال على نموذج الرجل المعيل الذي يتحمل مسؤولية الأسرة، بينما اقتصر دور المرأة على رعاية البيت والأطفال. وعندما تنجح الزوجة في مجال عملها وتتفوق مادياً أو اجتماعياً، قد يشعر الزوج بتهديد لدوره التقليدي، مما يثير لديه مشاعر القلق وانعدام الأمان.

وتشير السهلي إلى أن غيرة الرجل من نجاح زوجته تتخذ أشكالاً متعددة، منها النقد المستمر لتصرفات الزوجة الناجحة، والبحث عن نقاط ضعفها لتقويض ثقتها بنفسها أو التقليل من إنجازاتها المهنية ووصفها بأنها "صغيرة" أو "عابرة". وقد يقارن الرجل نفسه بزوجته بشكل سلبي، مما يزيد من شعوره بالنقص، أو يلجأ إلى الانسحاب العاطفي كوسيلة للتعامل مع مشاعر عدم الأمان. غالباً ما يعمد الزوج إلى عرقلة تقدم زوجته بطرق غير مباشرة، مثل التذمر الدائم من انشغالها بالعمل.

وتوضح السهلي أن الآثار السلبية لهذه الغيرة مدمرة للعلاقة الزوجية، حيث تؤدي إلى تدمير الثقة بين الزوجين وخلق بيئة مشحونة بالتوتر والمنافسة غير الصحية، بالإضافة إلى حرمان الأسرة من الاستفادة من الإنجاز المادي والمعنوي للزوجة، وقد تصل في بعض الحالات إلى انهيار الحياة الزوجية.

وتلفت السهلي إلى إمكانية تحويل هذه التحديات إلى فرص لتعزيز العلاقة الزوجية من خلال إعادة تعريف النجاح وفهم أن نجاح أحد الطرفين ليس على حساب الآخر، بل هو إثراء للحياة المشتركة. يجب اعتماد أسلوب التواصل المفتوح لمناقشة المشاعر والمخاوف بصراحة ومن دون اتهامات، وتقبل فكرة تبادل الأدوار والتكامل في المسؤوليات، والمشاركة في الاحتفال بالإنجازات، واعتبار إنجازات الزوجة مصدر فخر للأسرة بأكملها، والعمل على تعزيز الثقة بالنفس لدى الطرفين.

وتنبه السهلي إلى أن غيرة الرجل من نجاح زوجته ليست حتمية، ولكنها نتاج تراكمات اجتماعية ونفسية يمكن التغلب عليها. فالعلاقة الناجحة تقوم على الشراكة الحقيقية، حيث يكون نجاح أي من الطرفين مصدر دعم وسعادة للآخر. في عالم يتغير بسرعة، يحتاج الأزواج إلى إعادة تعريف مفاهيم النجاح والقيمة والأدوار، لبناء شراكات زوجية قائمة على الاحترام. قد يرتبط هذا الشعور لدى الزوج تجاه زوجته بعوامل تتعلق بصفات شخصيته، ومنها عدم الثقة بالنفس وبالقدرات والشعور بالدونية لأسباب قد تعود إلى طفولته. وقد تتفاقم هذه المشاعر في حال لفتت زوجته الأنظار بحضورها وإنجازاتها. كما أنها قد تصبح أكثر سوءاً إذا كان الزوج لا يقوم بأي عمل يجعل الجميع يتحدثون عنه.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية

مشاركة المقال: