ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن دوائر صنع القرار في تل أبيب تعيش حالة من القلق، خوفاً من أن يمارس الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضغوطاً تؤدي إلى انسحاب إسرائيلي من جنوب سوريا ومن قمة جبل الشيخ ذات الأهمية الاستراتيجية.
وبحسب الصحيفة، تعمل فرق هندسية إسرائيلية حالياً على شق طريق مرتفع يصل إلى قمة جبل الشيخ على ارتفاع حوالي 2,800 متر، وهو مسار كان خاضعاً لسيطرة قوات نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد قبل عام واحد فقط. وتواصل شركات البناء الإسرائيلية ترميم موقعين عسكريين في المنطقة استعداداً للشتاء المقبل، في إشارة إلى نية الجيش الإسرائيلي البقاء هناك لفترة أطول.
وأشارت الصحيفة إلى أن واشنطن ودمشق قد تحملان رؤى مختلفة حول مستقبل الوجود الإسرائيلي، خاصة بعد اللقاء غير المسبوق الذي جمع هذا الأسبوع الرئيس السوري أحمد الشرع بالرئيس الأميركي في البيت الأبيض. وتفيد تقارير الصحيفة بأن المحادثات الأخيرة بين ممثلي حكومة بنيامين نتنياهو وفريق الشرع لم تسفر عن نتائج ملموسة، حيث يسعى الجانب الإسرائيلي إلى التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار جديد بدلاً من الاتفاق القديم الذي ظل قائماً منذ عام 1974 بين نظام الأسد الأب ثم الابن حتى انهيار النظام قبل عام واحد.
وأكد مسؤولون إسرائيليون أن الحديث لا يدور عن اتفاق سلام أو تطبيع، بل عن صيغة تهدئة قد تصبح معقدة بالنسبة لإسرائيل إذا فرض ترامب على نتنياهو قبولها، على غرار ترتيبات وقف النار مع حركة "حماس" التي أبقت الحركة مسيطرة على قطاع غزة. كما تضغط جهات أمنية إسرائيلية للحفاظ على السيطرة على قمة جبل الشيخ السورية، معتبرةً أنها ركيزة أساسية لأمن الشمال، نظراً لقدرتها على مراقبة التحركات العسكرية نحو مقر قيادة الفرقة 210 في الجولان، إضافة إلى دورها في مراقبة مسارات تهريب الأسلحة من سوريا إلى لبنان، خصوصاً إلى "حزب الله".
وتشمل مناطق الانتشار الإسرائيلي في الجولان السوري ثمانية مواقع عسكرية مطوّرة بخدمات لوجستية وميدانية محسّنة، وتقع جميعها داخل الأراضي السورية على مسافات متفاوتة بين قرى حوران التي يقطنها نحو 70 ألف شخص. ولم تُسجّل احتكاكات كبيرة مع السكان، باستثناء خلافات محدودة على خلفية رفض بعض الأهالي تسليم أسلحة شخصية.
وتدرس إسرائيل حالياً إمكانية الانسحاب من بعض هذه النقاط العسكرية تلبية لمطلب الرئيس السوري، مقابل صيغة وقف إطلاق نار جديدة تضمن لها حرية التحرك ضد التهديدات التي قد تنشأ عن "حزب الله" أو إيران. ورغم أن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس شدد على أن قمة جبل الشيخ خط أحمر، إلا أن القرار النهائي—وفق التقديرات—قد يُحسم في العاصمتين واشنطن وأنقرة.
تحرير: معاذ الحمد