دمشق-سانا: بين خيوط الصوف وألوان الخرز، نسجت سيدات من مدينة يبرود قصص نجاح ملهمة، محولات مواهبهن اليدوية إلى مشاريع صغيرة ومستدامة. لم تكن هذه الحرف مجرد هوايات، بل أصبحت مصدراً للإبداع والاستقلالية المالية، مما ساعدهن على مواجهة تحديات الحياة اليومية.
بين الأصالة والمعاصرة، قدمت هؤلاء السيدات منتجات فريدة تعكس التراث السوري بلمسة عصرية، مؤكدات أن الإصرار والعزيمة هما مفتاح تحويل الأفكار البسيطة إلى فرص حقيقية تمكن المرأة من تحقيق الاكتفاء الذاتي والمساهمة الفعالة في تنمية المجتمع.
في مهرجان العسل السوري السادس، الذي أقيم في ملعب تشرين، عرضت المشاركات تشكيلة واسعة من منتجاتهن اليدوية، من الحقائب المزخرفة إلى الإكسسوارات الأنيقة وزينة المنازل، ليقدمن نموذجاً حياً على أن الموهبة يمكن أن تكون بداية لمشروع تجاري ناجح.
من هواية إلى مشروع صغير
سمرا يزبك، خريجة كلية الفنون الجميلة، تحدثت لمراسلة سانا عن مشروعها المتخصص في الطباعة على الحقائب، قائلة: "مشاركتي في المهرجان تهدف إلى التعريف بهذه الحرفة الجديدة." وأوضحت سمرا أنها تقوم بتصميم اللوحات المطلوبة ثم ترسلها للطباعة، وبعد ذلك تقوم بخياطتها على الحقائب الملونة لعرضها في البازارات والمعارض. وأشارت إلى أن ابنتها تساعدها أيضاً في تسويق المنتجات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وأضافت يزبك أنها تعلمت هذه المهنة عبر الإنترنت، واستفادت من دراستها في مجال الفنون لتأسيس مشروعها الخاص، الذي منحها فرصة للتعبير عن نفسها وتوفير دخل مادي يساعدها على مواجهة ظروف الحياة. وقالت: "العمل يجلب لي السعادة لأنني أمارسه من داخل منزلي بكل حب، مستغلة أوقات فراغي بإنتاج مشغولات مفيدة"، داعية الشابات اللواتي يبحثن عن عمل إلى البدء بالخطوة الأولى وإطلاق مشاريعهن المناسبة، ومؤكدة أنها تطمح للانضمام إلى "اتحاد الحرف اليدوية" لتطوير أعمالها والمساهمة في تدريب الراغبين بتعلم هذه الحرفة.
مشروع منزلي ينبض بالإصرار
من جهتها، تحدثت السيدة الستينية هيفاء البرادعي عن مشروعها "التزيين المنزلي" الذي بدأته بعد وفاة زوجها، حيث قررت استثمار وقتها في صناعة قطع مفيدة وجذابة لتزيين منزلها، من خلال تدوير أغراضها القديمة، ثم توسعت بعملها ليتحول إلى مشروع ناشئ. وأضافت البرادعي أنها تستخدم في أعمالها القماش وخيوط الخيش، والأقراص المدمجة وعلب الأدوية الفارغة، لإنتاج قطع مميزة تضفي جمالية على المطابخ، مستعينة أيضاً بالصوف لصناعة نزالات لحمل الأطعمة الساخنة ووضعها تحت الأطباق وفناجين القهوة.
وبينت أنها تشارك في المعارض والبازارات بما فيها مهرجان النحل لتسويق منتجاتها والتعريف بها، مؤكدة أن عملها يتطلب الدقة والصبر للخروج بتصاميم جميلة وجذابة.
خرزة وحكاية
أما السيدة فاطمة الرفاعي فيحمل مشروعها الصغير اسم "خرزة وحكاية"، ويتضمن صناعة الحقائب الصغيرة للأطفال والكبار، إضافة إلى الإكسسوارات والتحف المزينة بالخرز، لتضفي على كل قطعة لمسة من البهجة والجمال. وأوضحت الرفاعي خلال مشاركتها في مهرجان العسل أنها طوّرت مهاراتها بشكل ذاتي من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، التي ساعدتها أيضاً في تسويق منتجاتها والتعرّف إلى أذواق الزبائن.
وأكدت حرصها على الحفاظ على جودة العمل رغم ارتفاع أسعار المواد الأولية، معربة عن سعادتها بعملها المنزلي الذي يشغل وقتها بما هو مفيد ويمنحها مردوداً يساعدها على تلبية احتياجات أسرتها.
جهود لدعم الحرفيات وتمكين مشاريعهن
من جهته، أشار مدير مهرجان سيدات يبرود للحرف اليدوية عيد السيد إلى أن مشاركة السيدات في مهرجان العسل تهدف إلى دعمهن وتشجيعهن على العمل والإنتاج لإعالة أسرهن. وأوضح السيد أن المهرجان يشكّل منصة للتعريف بمشاريع السيدات الصغيرة وفتح منافذ تسويقية في دمشق وبقية المحافظات، ما يسهم في تعزيز قدرتهن على تطوير مهاراتهن وتنمية إبداعاتهن، مبيناً أنهم قاموا بمساعدة بعض السيدات اللواتي لم يستطعن الحضور بنقل منتجاتهن من المأكولات التقليدية مثل الكبة واللبنة والمكدوس، إلى جانب الحرف اليدوية، ليتم تسويقها وبيعها ضمن المهرجان.
وأكد السيد في ختام حديثه أن دعم السيدات في مجال الحرف اليدوية يسهم في تعزيز دور المرأة الاقتصادي والاجتماعي، ويفتح أمامها آفاقاً أوسع للاستقلال والإنتاج، داعياً إلى تقديم مزيد من الدعم لتمكين النساء من تطوير أعمالهن وتحقيق الاكتفاء الذاتي.