السبت, 15 نوفمبر 2025 01:01 AM

الطيون: من نبتة برية في اللاذقية إلى علاج شعبي للمفاصل والجروح

الطيون: من نبتة برية في اللاذقية إلى علاج شعبي للمفاصل والجروح

في ريف محافظة اللاذقية، تتراقص عشبة الطيون بأزهارها الصفراء بين المنحدرات الخضراء لقرى المنطقة، ناشرة عبيرًا خفيفًا يمتزج برائحة التراب الرطب ونسيم البحر القادم من الساحل. لم تعد هذه النبتة البرية مجرد زينة طبيعية لسفوح الجبال، بل تحولت إلى جزء أساسي من التراث العلاجي الشعبي لأهالي المنطقة.

يقوم سكان قرى مثل "البهلولية والدالية وبيت ياشوط" بجمع أزهار الطيون بعناية في أواخر فصل الصيف، لتحضير زيت يعتبرونه "بلسمًا طبيعيًا". يتم نقع الأزهار في زيت الزيتون الأصلي (الخريج) وتركها في أوعية زجاجية تحت أشعة الشمس لمدة تزيد عن شهرين. بعد ذلك، يستخدم الزيت في تدليك المفاصل المتصلبة أو لمعالجة الجروح والحروق البسيطة.

أكد العديد من سكان القرى لـ"الحرية" أن هذا الزيت أظهر نتائج ملموسة وساهم في تخفيف الألم وتسريع عملية الشفاء. وأشار الحاج علي من قرية ديروتان إلى أنهم ورثوا هذه الطريقة عن الأجداد، مؤكدًا أن الطيون متوفر في كل مكان تقريبًا ولا يحتاج إلى الكثير من العناية، ولكنه يقدم فوائد جمة. ويرى أن العودة إلى الأعشاب المحلية أصبحت ضرورة ملحة في ظل ارتفاع أسعار الأدوية وصعوبة الوصول إلى المراكز الطبية في بعض المناطق الجبلية.

من جانب آخر، يشير باحثون في مجال النباتات الطبية إلى أن الطيون يتميز بخصائص مضادة للالتهابات وقدرة على تجديد الخلايا، مما يفسر استخدامه الشائع في علاج الجروح وقرحات المعدة والفم. الدكتور الزراعي أسامة حسن، الذي يمتلك صيدلية زراعية في مدينة جبلة، شدد على أهمية تنظيم استخدام الطيون علميًا لتجنب أي آثار جانبية محتملة، داعيًا إلى إجراء دراسات مخبرية شاملة لتوثيق فوائده بدقة.

وأكد الدكتور حسن لـ"الحرية" أن دور الطيون لا يقتصر على الطب الشعبي فحسب، بل إن النحل يقصده بكثرة خلال مواسم الإزهار، منتجًا عسلًا ذا نكهة فريدة يعتبره مربو النحل في جبال اللاذقية من أثمن أنواع العسل الجبلي. وهذا ما يجعل من الطيون عنصرًا بيئيًا واقتصاديًا في الوقت نفسه، حيث يسهم في الحفاظ على التنوع النباتي ويعزز استدامة الحياة الريفية.

بين الحقول والبيوت الطينية القديمة، تبقى عشبة الطيون شاهدًا على العلاقة العميقة بين الإنسان وأرضه، وعلى قدرة الطبيعة في القرى الجبلية على منح الدواء من قلب العشب، عندما نصغي إليها بحكمة الأجداد ووعي العلم الحديث.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية

مشاركة المقال: