نشر "المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب" تقريرًا يوم الأربعاء، الموافق 12 من تشرين الثاني، يتناول الأسباب والدوافع التي دفعت سوريا للانضمام إلى التحالف الدولي لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية".
أوضح المركز في تقريره المنشور على موقعه الرسمي أن محاربة تنظيم "الدولة" يخدم مصلحة الحكومة الانتقالية السورية، خاصة في ظل عدم سيطرتها الكاملة على جميع مناطق البلاد، مشيرًا إلى تزايد نشاط التنظيم مجددًا منذ سقوط النظام السابق.
حدد المركز المكاسب التي يمكن أن تحققها الحكومة السورية من الانضمام إلى التحالف الدولي في عدة نقاط، أبرزها:
- إعادة تأكيد دورها الإقليمي والدولي.
- استعادة الشرعية السياسية على الساحة الدولية وتجاوز صورة الدولة المنعزلة.
- تحسين علاقاتها مع بعض الدول الغربية والعربية.
- الحصول على دعم دبلوماسي واقتصادي يخفف من آثار العقوبات المفروضة عليها.
وأشار المركز إلى مكاسب أخرى مرتبطة بالمنافسات الإقليمية، تتضمن:
- الحصول على نفوذ أكبر في المفاوضات الإقليمية والدولية، خاصة في ظل المنافسة مع القوى الإقليمية الأخرى حول مستقبل سوريا والمنطقة.
- تقوية العلاقات مع حلفاء تقليديين ودول إقليمية ذات مصالح مشتركة، مما يعزز موقعها التفاوضي على الساحة الدولية.
- الاستفادة من الدعم الاستخباراتي والتنسيق العسكري مع الدول الكبرى، مما يعزز قدرتها على مكافحة الإرهاب بشكل أكثر فاعلية واحتواء أي تجدد محتمل للتنظيم.
أبرز بؤر التوتر
أكد المركز الأوروبي أن تنظيم "الدولة" لا يزال يشكل تهديدًا كبيرًا لسوريا، مشيرًا إلى أن بعض المنشقين يرون أن المسار الجديد للتنظيم معتدل للغاية، وينضمون إلى تنظيمات جهادية أخرى.
كما نوه إلى أن التنظيم يعيد تنشيط خلاياه ويحدد أهدافًا جديدة ويوزع أسلحة ويكثف جهوده في التجنيد والدعاية.
وأشار إلى أن التنظيم لم يعد يسيطر على المدن والأراضي، لكن لديه ملاذات آمنة في مناطق صحراوية وجبلية يصعب السيطرة عليها.
أوضح المركز أن مخيم "الهول" في شمال شرقي سوريا الخاضع لسيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، والذي يضم آلافًا من مؤيدي تنظيم "الدولة" السابقين، يشكل إحدى بؤر التوتر والخطر من قبل التنظيم، محذرًا من العواقب الوخيمة في حال فقدت القوات الكردية موطئ قدمها هناك، ومؤكدًا أهمية استمرار القتال ضد التنظيم على الأرض.
أضاف المركز أن التنظيم تحول في أساليبه من التركيز على الاستيلاء على الأراضي إلى تنفيذ الهجمات "الإرهابية"، مشيرًا إلى أن انخفاض عدد الهجمات التي تبناها تنظيم "الدولة" في سوريا والعراق خلال العام الحالي يعود إلى اتساع نطاق لامركزية التنظيم بشكل ملحوظ، مع بروز فرعه الأفغاني (داعش خراسان) بشكل خاص مؤخرًا.
تحذير من مخاطر الانضمام
ذكر المركز الأوروبي أن الولايات المتحدة تسعى للاستثمار في التحولات السياسية والأمنية التي تشهدها الساحة السورية، في ظل سعي الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، لكسب الشرعية الدولية عبر محاربة تنظيم "الدولة".
وأضاف أن الإدارة الأمريكية تهدف من وراء مساعيها إلى إعادة تموضعها في الشرق الأوسط وموازنة النفوذ الروسي والإيراني.
لكنه حذر من أن انضمام سوريا إلى التحالف يحمل بعض المخاطر التي تتمثل في:
- إثارة حفيظة أطراف إقليمية.
- إضعاف قدرة الحكومة الانتقالية على السيطرة الكاملة على الأراضي أو كبح الخلايا المتبقية لتنظيم "الدولة" بسبب هشاشة الوضع الداخلي.
وأكد المركز أن المواجهة مع التنظيم ستتخذ طابعًا استخباراتيًا وأمنيًا أكثر من كونها عسكرية، فالمعركة ضد الفكر المتطرف وشبكات التمويل والتجنيد عبر الإنترنت باتت الميدان الحاسم.
ورجح المركز الأوروبي أن يستمر التحالف الدولي في دعم العمليات الوقائية وتبادل المعلومات لتجنب عودة التنظيم بشكل أكثر تطورًا ولامركزية في السنوات المقبلة.
انضمام سوريا للتنظيم
أعلنت سوريا انضمامها إلى "التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية"، تزامنًا مع زيارة رسمية للرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، إلى البيت الأبيض ولقائه ترامب في 10 من تشرين الثاني الحالي.
وقال وزير الإعلام السوري، حمزة المصطفى، في منشور عبر منصة "إكس"، الثلاثاء 11 من تشرين الثاني، إن سوريا وقعت إعلان تعاون سياسي مع "التحالف الدولي"، مؤكدة دورها كشريك في مكافحة الإرهاب ودعم الاستقرار الإقليمي.
ويُعدّ هذا الاتفاق سياسيًا ولا يتضمن حتى الآن أي بنود عسكرية، بحسب المصطفى.
كما أكد مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة، إبراهيم علبي، في مقابلة مع قناة "الحدث" السعودية، أن سوريا وقعت اتفاقية الانضمام إلى "التحالف الدولي".
عمليات ضد التنظيم
كانت وزارة الداخلية السورية أعلنت، في 8 من تشرين الثاني الحالي، إطلاق عملية أمنية "واسعة النطاق" في عدد من المحافظات تستهدف ملاحقة خلايا تنظيم "الدولة" بالتعاون مع جهاز الاستخبارات العامة.
وأعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية، نور الدين البابا، أن العملية الأمنية التي أطلقتها الوزارة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" اشتملت على 61 مداهمة في مختلف المحافظات السورية، وأسفرت عن 71 عملية اعتقال، تضمنت قيادات من مختلف المستويات، بالإضافة إلى عناصر عاديين ارتكبوا جرائم عدة، من بينها استهداف مواطنين وعناصر من وزارة الدفاع.
العمليات الأمنية أسفرت أيضًا عن تحييد عنصر من تنظيم "الدولة" وإصابة أحد عناصر الأمن، بالإضافة إلى مداهمة مخازن ومستودعات للذخيرة والسلاح وأوكار تحتوي على معدات لوجستية في مناطق عدة، وفق تعبيره.
وشملت العملية كلًا من محافظات حلب وإدلب وحماة وحمص ودير الزور والرقة ودمشق وريفها والبادية السورية، بحسب ما قاله البابا في حواره مع قناة "الإخبارية" السورية.