الإثنين, 10 نوفمبر 2025 12:58 AM

جرائم خطف النساء في سوريا: شهادات الناجيات تكشف المستور وتدحض الإنكار

جرائم خطف النساء في سوريا: شهادات الناجيات تكشف المستور وتدحض الإنكار

شبكة أخبار سوريا والعالم/ تحاول معظم النساء اللواتي تعرضن للخطف طي هذه الصفحة المؤلمة بعد عودتهن، ويتجنبن الحديث عن تفاصيلها المرعبة. بل إن بعضهن يضطر إلى إنكار واقعة الاختطاف برمتها، خوفاً من المخاطر المحتملة.

أصدرت وزارة الداخلية مؤخراً تقريراً أشارت فيه إلى أنها تحققت من صحة الأخبار المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي حول عمليات خطف النساء في الساحل السوري وحمص وحماة، وخلصت إلى أن حالة واحدة فقط كانت اختطافاً فعلياً.

لا نشكك في هذا التقرير، فربما قامت اللجنة بالتحقيق في عينة محددة من الحالات، وتوصلت إلى هذه النتيجة بناءً على ما فحصته. لكن، هل يمكن تعميم هذه النتيجة على جميع الحالات؟ بالطبع لا. هذا الرفض القاطع مدعوم بشهادات الناجيات التي لا يمكن دحضها، وتقارير حقوقية موثقة، وتواتر الحالات وتكرار أنماطها، فضلاً عن وجود نساء مفقودات منذ سبعة أشهر دون الكشف عن مصيرهن.

إنكار الخطف يشجع الخاطفين ويعزز ثقتهم بالإفلات من العقاب. فقضية الخطف لها أبعاد أمنية واجتماعية وطائفية. إنكارها أو محاولة التقليل من شأنها يشجع الخاطفين ويعزز ثقة المجرمين بقدرتهم على الإفلات من العقاب، ويزيد من الخوف لدى العائلات.

هناك تقارير صادرة عن منظمة العفو الدولية، ووسائل إعلام رصينة، والأمم المتحدة، ومؤسسات حقوقية سورية موثوقة وقفت إلى جانب السوريين في أصعب الأوقات على مدى 14 عاماً، وكانت منحازة لحقوق الإنسان. جميع هذه التقارير تؤكد وتثبت حالات خطف النساء. التشكيك في هذه المنظمات ليس في مصلحة السوريين، وهو إساءة للضحايا في الحاضر والماضي، وللتقارير التي صدرت عنها والتي أشارت إلى الانتهاكات والجرائم التي ارتكبت بحقهم.

وقبل كل ذلك، هناك ناجيات يؤكدن أنهن اختطفن ويشرحن كل ملابسات الخطف. من مسؤولية المجتمع تصديقهن حتى يثبت العكس في كل قضية على حدة. فهذه القضايا ليست مجرد أرقام، بل كل حالة هي قضية وطنية.

هذا الملف ليس سياسياً، بل هو قضية حقوقية إنسانية أخلاقية. نحن نعيش اليوم في دولة خارجة من حرب طويلة، تعاني من مشكلات مجتمعية، وحالة استقطاب حادة، وتراكم عنف وكراهية على مدى 14 عاماً، وتغيير كامل في بنية الدولة ونظام الحكم. من الواقعي أن يكون هناك فراغات أمنية، لكن حل المشكلات يبدأ من الاعتراف بها وليس من إنكارها.

بالعودة إلى اللجنة التي أعلنت وزارة الداخلية أنها حققت في الملف، فهي لجنة "سرية" لم يسبق الإعلان عنها ولا تقديمها للرأي العام. هذا الإجراء بحد ذاته قلل من وقعها العام ومن تأثيرها على ردع الخطف وإثارة الخوف لدى العصابات التي تمارس الخطف.

إحدى المختطفات منذ شهر شباط 2025 وحتى اليوم، أوقف مجموعة مسلحين سرفيس نقل كانت تستقله وأنزلوها منه أمام أعين الركاب وبالتزامن مع عبارات ذات نمط معين واقتادوها لجهة مجهولة حتى يومنا هذا.

مركز مناهضة العنف والكراهية في سوريا

اللجنة كانت غير معروفة لناحية جميع أعضائها، ومن خلال البيانات التي حصلنا عليها يتبين أن جميع أعضائها ذكور وغير مختصين أصلاً بقضايا النساء وإن كان بعضهم مختص بالقضايا الجنائية.

قضية خطف النساء حساسة والتحقيق بها يحتاج لنساء في هذه اللجان، ولعضوات من بيئة الضحايا لبناء الثقة معهن في ظل المخاطر المحيطة بهن. وكذلك أن يتمثل في هذه اللجنة ولو كمراقبين أعضاء من منظمات حقوقية سورية رصينة ومحايدة ومعنية بالتوثيق والدفاع عن حقوق الإنسان.

خلال 11 شهراً مضت وثق مركز مناهضة العنف والكراهية حوادث اختطاف متكررة ومستمرة حتى الآن، بعضها لحالات اختطفت في شهر شباط 2025 ولم تعد إلى اليوم وشهادات الشهود تشير إلى أن إحدى الحالات مثلاً خطفت من وسيلة نقل عامة وأمام عدة شهود. وحالة أخرى خطفت من على باب مركز صحي ومايزال مصير الحالتين مجهولاً حتى الآن.

هناك مختطفات عدن، وقدمن معلومات واسعة عن الخاطفين، وظروف الاحتجاز، ومنهم حالة التقت بزوجة الخاطف ودعتها للزواج من زوجها. ومن ثم حررها خاطفوها بعض مفاوضات مضنية وأرسلوها بلباس معين ومعها كتب ذات هوية معينة تعطينا تصور عن أسباب الخطف.

بعض المختطفات تعرضن للعنف الجسدي، وبعضهن نقلن للمستشفيات بعد إخلاء سبيلهن، وهناك حالات عادت من الخطف وغادرت الضحايا البلاد مع عائلاتهن بسبب الخوف.

لقد وثقت التقارير الرصينة مختطفات تعرضن للعنف الجسدي وترك لديهن جراح آليمة، بعضهن يعاني حالياً من أزمات نفسية، وبعضهن غادر البلاد مع عوائلهن نتيجة ماحدث معهن.

معظم المختطفات اللواتي وثقت قصصهن طلب من ذويهن قبل إطلاق سراحهن إنكار الخطف، وتعرضوا لتهديدات مخيفة اذا استمروا بالحديث عن الاختطاف. وبعضهن يشرح كل تفاصيل الخطف بشرط عدم النشر وعدم ذكر الاسماء وبعضهن لايخشى فقط من الخاطفين بل يخشى من قراءة تعليقات الذباب الالكتروني والتقارير المسيئة للضحايا.

هذا الملف يدمر حياة عائلات ونساء، هناك حالة خوف من الحديث بالموضوع، مخاوف من الانتقام من فائض القوة الذي يمتلكه الخاطفون. ومخاطر على الضحايا تدفع الكثير من الحالات للسعي نحو إغلاق الملف بسرعة بعد عودة المختطفة وهي أسباب يجب احترامها وتفهمها والعمل على معالجة الموضوع من جذوره.

هذا ملف يحتاج إلى حل وحله يحتاج إجراءات شجاعة، مثلاً ماذا حدث في قضية الضحية روان في ريف حماة!، أين الفاعلين، لماذا في قضايا أخرى يتم كشف الفاعلين بسرعة وفي هكذا قضايا تكون الاستجابة ضعيفة!.

هناك ضعف في التعامل مع الانتهاكات التي ترتكب بحق مجموعات من المواطنين السوريين. كما أن الذين ارتكبوا المجازر في الساحل لم تنشر وزارة الداخلية خبر توقيف شخص واحد منهم ولم تظهر لنا أي معلومة عن هوياتهم عن جرائم محددة بالصوت والصورة ارتكبوها وحوسبوا عليها. بالمقابل نجد اخبار اعتقالات مشاركين بأحداث الساحل من فلول النظام كل يومين ثلاثة مع أسماء ووجوه مكشوفة وجرائم محددة. وهذا يدمر الثقة، فالعدالة للجميع ويجب أن تكون متساوية وعلى الجميع.

أخيراً إن الاعتداءات على النساء حساسة جداً وتحتاج الى إجراءات حذرة من قبل وزارة الداخلية تحافظ على سمعة النساء ولا تسيء لهن وتمنع الاعتداء عليهن.

نحن أمام جماعات خطف تمتلك فائض قوة لدرجة تستطيع أن تختطف فتاة من جوار بيت أهلها وتسير في سياراتها أكثر من 50 كم، هذه السيارات يجب أن يتم ايقافها، وأن يكون هناك إجراءات واضحة لحصر السلاح، وتوحيد نمر السيارات ومنع الفيميه… ووضع حواجز تفتيش ومراقبة في نقاط محورية لضبط هؤلاء.

لا مصلحة لأحد باستمرار حالات الخطف التي تحدث لا من وزارة الداخلية ولا من المجتمع، وهذا موضوع إنساني ولابد أن يبعد تماماً عن أي تسييس واستثمار في أي اتجاه كان سوى باتجاه سلامة الضحايا وأمن المجتمع.

مشاركة المقال: