تكشف وثائق مسربة حصلت عليها "زمان الوصل" عن تفاصيل مروعة لآلية عمل منظمة داخل النظام السوري خلال عام 2012، وهو العام الذي شهد أوسع الاحتجاجات. تُظهر الوثائق تسلسلًا قياديًا كاملاً يبدأ من المكاتب الأمنية العليا وينتهي بقرارات إحالة عاجلة إلى محكمة الميدان العسكرية، مما أدى إلى مصير مجهول، وغالبًا ما كان الإعدام، في سجون مركزية مثل سجن تدمر.
تتضمن الوثائق قرارات صادرة عن القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة، تطالب بتحويل مئات المنشقين فورًا إلى محكمة الميدان العسكرية. وقد صيغت التهم بصيغة موحدة وجاهزة، مثل "التظاهر" و"أعمال السلب والتخريب" و"قطع الطرقات" و"الجرائم الإرهابية"، وهي الصيغة التي كانت تؤدي إلى أقصى العقوبات في محكمة الميدان.
تُظهر الوثائق تسلسلًا مسؤولًا واضحًا يبدأ بتوقيع العماد فهد فريج، رئيس هيئة الأركان العامة، ثم توقيع العماد داوود راجحة، نائب القائد العام للجيش قبل مقتله بفترة قصيرة (حيث وقع عليها بتاريخ 6/6/2012 وقتل في 18/7/2012 في تفجير خلية الأزمة)، ويختتم بتوقيع بشار الأسد عبر مكتبه بصفته رئيس الجمهورية والقائد العام للجيش.
إن ذكر محكمة الميدان كان يعني حكمًا مسبقًا. فهذه المحكمة، المنشأة بقانون استثنائي، تعمل خارج الأصول القضائية. أحكامها غير قابلة للطعن، وجلساتها لا تتجاوز دقائق. أغلب المحالين إليها عام 2012 وما بعده اختفوا نحو مصير مجهول. كثير منهم نُقل إلى سجن تدمر العسكري، حيث كانت الإعدامات تتم بسرية كاملة حتى عام 2015.
تكشف الوثائق اللحظة التي تحول فيها مواطنون سوريون إلى مجرد أرقام في قرارات عسكرية سريعة، موقعة من أعلى السلطات، لترسلهم إلى الإعدام من دون أي مسوغ قانوني أو حق في الدفاع. ما توفره هذه الأوراق هو شهادة مكتوبة على جريمة دولة مكتملة الأركان.
رئيس التحرير - زمان الوصل