حماة-سانا: في مرسمه المتواضع بحماة، حيث تمتزج رائحة الألوان بعبق الذكريات التي تعود لأربعة عقود، يواصل الفنان وائل مصري رسم لوحات جديدة تضاف إلى رصيده الغني في التوثيق البصري لمدينة حماة العريقة.
من مركز سهيل الأحدب إلى اتحاد الفنانين
بدأت رحلة مصري مع الفن في عام 1980، عندما التحق بمركز سهيل الأحدب للفنون التشكيلية وهو لا يزال طالباً في المرحلة الإعدادية، وكانت هذه بداية انطلاقته الفنية الحقيقية. لكن، كما يروي مصري لـ سانا، توقفت مسيرته في عام 1982 نتيجة للأحداث التي شهدتها حماة، ليعود بعد عقد من الزمان إلى نفس المنبع الفني في عام 1992، ويستكمل مشواره حتى تخرجه في عام 1995. ثم انتقل إلى مرحلة أخرى بالانتساب إلى اتحاد الفنانين التشكيليين عام 1996، ليصبح عضواً معتمداً فيه، ليستقر به المقام في مرسمه بالاتحاد عام 2002، حيث يواصل حتى اليوم ممارسة شغفه الذي لم ينقطع.
مصدر الإلهام والتأسيس
يعود عشق مصري للرسم التشكيلي إلى تأثير عائلته، حيث كان والده أول من ألهمه هذا الفن. يقول مصري: "عشقت هذا الفن من خلال أبي الذي كان فناناً يرسم أجمل اللوحات لمدينة حماة". أما المحطة التأسيسية الأكثر احترافية فكانت في مركز سهيل الأحدب، الذي عمل على صقل موهبته وتوجيهها نحو الاحتراف.
الحبيبة والملهمة
تجسدت هوية مصري الفنية من خلال ارتباطه الوثيق بمدينة حماة، التي يعتبرها ليست مجرد مكان، بل هي لوحته الكبيرة والجميلة. يقول مصري: "أعشق تصوير مدينة حماة وبيوتها وأسواقها وكل تجلياتها وتفاصيلها الداخلية كالبيوت والنوافذ وحركة المارة والأشجار". ويولي مصري "حارة الكيلانية" مكانة خاصة في أعماله، معتبراً إياها أكثر المواقع التي تستحوذ على اهتمامه. وتختلف المدة التي يستغرقها في إنجاز لوحته حسب التفاصيل الداخلية التي يتطلبها العمل، مما يعكس الدقة والعمق الذي يضفيه على كل قطعة فنية.
تقنيات متنوعة
يتميز أسلوب مصري بالتنوع التقني، حيث يفضل استخدام ثلاثة أنواع رئيسية من الرسم: المائي، والزيتي، والأكريليك. هذا التنوع يمنحه مرونة في التعبير عن المشاهد المختلفة، مستخدماً درجات الألوان بمهارة عالية، كما لاحظ محبو فنه.
شهادات في عاشق حماة
وخلال زيارة لمرسم الفنان، يقول الدكتور عبد الفتاح المحمد: "ما أراه في لوحات مصري هو الاهتمام بجماليات المكان كالنواعير والنوافير والشوارع العتيقة، فهي تستهويه ويضيف إليها من روحه حتى تكون اللوحة عالماً قائماً بذاته". من جانبه، يعبر المغترب عبد الرحمن الأمين عن إعجابه بأعمال مصري، قائلاً: "جذبني المكان والرسومات فيه، وكثير منها يصف تاريخ حماة والآخر يلقي الضوء على بيئتها اللطيفة، وما يميز مصري استخدامه الألوان ودرجاتها بحرفية".
تجربة الفنان وائل مصري هي مثال للفنان الملتزم بتوثيق مدينته واستكشاف تفاصيلها، محولاً بيوتها القديمة ونواعيرها وحركة الحياة فيها إلى لوحات فنية للأجيال القادمة.