الأربعاء, 18 يونيو 2025 06:22 PM

توتر في حمص: تجاوزات تهدد جهود إعادة تأهيل حي جب الجندلي.. هل يعرقلها المستفيدون؟

توتر في حمص: تجاوزات تهدد جهود إعادة تأهيل حي جب الجندلي.. هل يعرقلها المستفيدون؟

في مشهد يعكس حالة التوتر القائمة بين السكان ولجان العمل التطوعي في حي جب الجندلي بمدينة حمص، شنّ سكان ومسؤولون محليون هجومًا على ما وصفوه بـ"تصرفات فردية تعوق جهود إعادة تأهيل الحي المنكوب". جاء ذلك بعد سلسلة من الحوادث التي شملت اعتداءات لفظية وتهديدية طالت العاملين في المنظمات الخدمية والتطوعية، مما دفع بعض الجهات الإنسانية إلى التفكير في التوقف عن العمل فيه.

ووجه القائمون على الجانب الخدمي في حي جب الجندلي نداء استغاثة للسكان، مؤكدين أن الاعتداءات المتكررة على الفرق التطوعية والخدمية تؤثر بشكل مباشر على سير العمل، وتعرقل المساعي الرامية إلى تحسين الواقع الخدمي للحي الذي لا يزال يعاني من آثار الحرب. وقالوا في رسالتهم: "أيها الإخوة وأهلنا الكرام في الحي، لقد وقعت عدة حوادث تضر بمصلحة العمل فيه، وهذه الأمور تؤدي إلى تأخير التقدم والإنجاز داخل الحي، وقد تكرر حدوث مثل هذه الحالات في إطار تصرفات فردية لا تُعمم، لكنها مع ذلك تؤثر سلبًا على عمل لجنة الحي والمختار، وتُستخدم ذريعة للتشكيك في مطالبنا عندما نناشد لتحسين أوضاع الحي". وأضافوا أنهم تدخلوا أكثر من مرة لحل الإشكاليات دون اللجوء إلى الأمن العام أو الشرطة، بهدف الحفاظ على كرامة أهل الحي، داعين الجميع إلى التعاون مع اللجان والمنظمات لتقديم أفضل الخدمات الممكنة.

من جانبه، أكد إياد رحّال، عضو لجنة الحي، في حديث لمنصة ""، أن هناك أفرادًا يحاولون استغلال الوضع لتحقيق مصالح شخصية، وهو ما يهدد مجمل الجهود المبذولة لإعادة تأهيل الحي. وأشار إلى أن الخدمات في الحي "شبه معدومة"، وأن اللجنة تعمل بجهد مضنٍ لجلب المنظمات الإنسانية والتطوعية لتحسين الواقع الخدمي. وقال رحّال: "آخر ما حدث، أن أحد الأشخاص حاول التهجّم على العاملين في إحدى المنظمات لإجبارهم على رفع الأنقاض من أمام منزله فقط، وفي حادثة أخرى، تهجّم شخص على جهة جاءت لتركيب إنارة لعدد من الأحياء، ليطلب منها تركيب الإضاءة على باب منزله فقط". وأشار إلى أن هذه التصرفات دفعت العديد من المنظمات إلى تقديم شكاوى لدى الأمن ورئاسة البلدية، وهو أمر قال إنه "لا يليق بمجتمع يطمح للنهوض".

بدوره، أعرب المواطن حازم بويضاني، من سكان مدينة حمص، عن استنكاره لما يحدث في الحي، مشددًا على أن أي اعتداء أو تطاول على العاملين في المنظمات الخدمية هو "أمر مرفوض ولا يليق بأي شخص"، خاصة في ظل الحاجة الكبيرة إلى كل خدمة ممكنة في المدينة المنكوبة. وقال بويضاني في حديث لمنصة "": "الوضع الخدمي سيئ، ومدينة حمص بحاجة إلى كل شيء، وبالتالي لا بد من التعاون مع أي جهة خدمية ومساندتها بدلًا من عرقلة عملها بدون أي مبررات". ودعا جميع سكان أحياء حمص إلى الوقوف إلى جانب الشباب التطوعي، قائلاً: "نتمنى من الجميع الوقوف إلى جانب هؤلاء الشباب ودعمهم في جهودهم لتنظيف المدينة، لأنهم ليسوا موظفين، بل يخصصون كل وقتهم لهذا العمل التطوعي".

وفي ظل هذه الأجواء المتوترة، انطلقت مؤخرًا حملة تطوعية لتنظيف شوارع حي جب الجندلي تحت عنوان "حمص بلدنا"، برعاية مجلس الحي، وهي حملة تهدف إلى تنظيف الشوارع، لا إلى إزالة الأنقاض، واستمرارها مفتوح حتى انتهاء الأعمال دون تحديد مدة زمنية. وتسعى الحملة إلى إعادة الاعتبار للواقع المتردي في الحي، من خلال تضافر الجهود المحلية والدعم المجتمعي، لكن النجاح الكامل لهذه الحملات يظل رهينًا بتعاون السكان وعدم تعطيلهم لجهود التطوع والتضامن.

يعيش حي جب الجندلي وضعًا خدميًا صعبًا، نتيجة سنوات الحرب والهجرة والانقسامات المجتمعية، ومع تصاعد التوترات بين بعض السكان واللجان الخدمية، تصبح مهمة إعادة إعمار الحي أصعب، وتتطلب قدرًا أكبر من الصدق والتفاهم والتكاتف. ورغم كل المصاعب، تبقى آمال السكان معلقة على قدرة المجتمع المحلي على تخطي الانقسامات الصغيرة، والعمل معًا نحو مستقبل يعيد الكرامة والبنية الأساسية إلى حمص القديمة، التي كانت يومًا ما رمزًا للعيش المشترك والصمود البشري.

مشاركة المقال: