عُقد "المؤتمر العام" في مدينة السويداء، أمس الثلاثاء، بمشاركة سياسيين وناشطين بهدف الخروج بتوصيات ومطالب لعرضها على الحكومة السورية، والتنسيق لحل الملفات العالقة في المحافظة. حضر الاجتماع نحو 120 شخصية، من بينهم ممثلون عن شخصيات دينية بارزة، مثل شيخي عقل الطائفة الدرزية، يوسف جربوع وحمود الحناوي، وممثل عن الرئيس الروحي للطائفة، حكمت الهجري، بالإضافة إلى شخصيات من الطائفة المسيحية وممثلين عن تيارات سياسية في المحافظة.
الكاتب والصحفي السوري، أيمن الشوفي، صرح لحلب اليوم بأن المؤتمر جاء برعاية ودعم من بعض الشخصيات الدينية النافذة، وعلى رأسهم الهجري. وأشار إلى وجود شريحة ناضجة سياسيًا في السويداء ترغب في بقاء سوريا موحدة، وترفض أن تكون السويداء إلا جزءًا من الخريطة السياسية السورية، إلا أنها تواجه اتهامات بالمعارضة والانفصال عند انتقاد السلطة السياسية الحالية.
يرى الشوفي أن هناك أصواتًا كثيرة خانت هذه الشريحة الاجتماعية السياسية بسبب تصور خاطئ يربط المعارضة بمشاريع انفصالية، مؤكدًا أن القسم الأكبر في السويداء يريد أن يكون جزءًا من سوريا، مع حقه في انتقاد أداء السلطة السياسية.
انبثقت عن جولتي النقاش "أمانة عامة" مكونة من 31 شخصًا، مهمتها التنسيق مع دمشق وتنظيم العلاقة بين المحافظة والحكومة، والتأكيد على مشاركة السويداء في بناء الدولة السورية والمساهمة الفعالة فيها.
انسحبت "حركة رجال الكرامة" من المؤتمر العام، معلنة مقاطعتها له ورفضها "أي مسار يقوم على إقصاء الصوت الوطني الحر واحتكار القرار". وأوضحت الحركة أن سبب انسحابها يعود إلى تلقيها دعوة لحضور المؤتمر بصفة "ضيف" دون حق الترشح أو التصويت للأمانة العامة، بالإضافة إلى عدم تخصيص كلمة لها ضمن أعمال المؤتمر.
يرى الشوفي صعوبة تقييم نجاح المؤتمر السياسي في ظل اختلاف القوى السياسية والفصائل المسلحة في مواقفها وتطلعاتها، والتباين في المواقف من التجربة السياسية الجديدة في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.
اعتبر الشوفي أن المؤتمر حاول تقديم منظور متماثل وعبر عن شريحة واسعة من القوى السياسية والشخصيات المستقلة في السويداء، والتي تنافس أي مشروع انفصالي، لكنه استثنى بعض الأطراف وواجه ملاحظات على المستوى التنظيمي.
تهدف محاور المؤتمر إلى تقديم صيغة أو إطار عام يمكن التوافق عليه من قبل معظم المكونات السياسية في السويداء، وانتخاب أمانة عامة كنموذج للحراك السياسي في المنطقة، وتجربة سياسية يمكن الاحتذاء بها في باقي المناطق، مستفيدًا من التجربة السياسية في السويداء بعد انتفاضة أغسطس 2023.
خلال انتفاضة السويداء، تراخت القبضة الأمنية، مما أتاح فرصة لظهور تجربة سياسية فريدة، تشكلت خلالها العديد من التشكيلات السياسية، بعضها لا يزال يتمتع بمستوى عالٍ من التجريب السياسي. استفادت السويداء من هذا التراكم في التجربة السياسية، واستمرت بعد سقوط النظام بالعمل على مشاريع سياسية، بعضها وطني التوجه والآخر انفصالي.
يرى الكاتب السوري أن المؤتمر يمثل تجربة سياسية يمكن تعميمها لفتح المجال للنقاش السياسي، رغم وجود تجاذب في المشهد السياسي العام بالسويداء بين وجهتي نظر: الأولى ترى أن السويداء يجب أن تظل جزءًا من سوريا، بينما تحاول الأخرى البحث عن صيغ للإدارة الذاتية.
يضيف الكاتب أن هناك تيارًا انفصاليًا واضحًا يرفض الانتماء إلى الحالة السياسية الحالية في سوريا ويبحث عن بدائل، وهو ما يرفضه معظم الناس في السويداء. ويرى أن مستقبل الوضع في السويداء جزء مما تخطط له الدول الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة وإسرائيل.
في الختام، يرى الشوفي أن هناك ثلاثة تيارات سياسية في السويداء: تياران يريدان سوريا، لكن يمارسان عملًا سياسيًا مختلفًا، وتيار انفصالي ضيق، وستبقى هذه التيارات الثلاثة بانتظار أن يحسم المشهد في المنطقة، فالكل ينتظر انتهاء الحرب بين إسرائيل وإيران. ويؤكد أنه لا يوجد مستقبل للسويداء بمعزل عن مستقبل كل سوريا، متمنيًا أن تبقى سوريا واحدة.