الخميس, 19 يونيو 2025 05:06 PM

سوريا على الحياد؟ دمشق أمام معضلة الحرب الإسرائيلية الإيرانية وتحديات الحفاظ على التوازن

سوريا على الحياد؟ دمشق أمام معضلة الحرب الإسرائيلية الإيرانية وتحديات الحفاظ على التوازن

عبدالله سليمان علي - تواجه القيادة الانتقالية في دمشق اختباراً صعباً في ظل الحرب الدائرة بين إسرائيل وإيران، حيث تسعى للحفاظ على موقف محايد يكرّس التحوّل الذي طرأ على السياسة السورية بعد سقوط نظام الأسد. فبعد أن تحوّلت الأراضي السورية في عهد النظام السابق إلى ساحة لحرب بالوكالة بين الطرفين، يثار التساؤل حول قدرة القيادة السورية الموقتة على الحفاظ على هذا النأي في ظل استمرار تبادل الصواريخ والطائرات المسيّرة بين الطرفين في الأجواء السورية.

يزيد من صعوبة اتخاذ موقف واضح علاقات دمشق المتشعبة مع دول عربية وإقليمية تتباين مواقفها إزاء الحرب. فالصمت السوري المتواصل منذ اندلاع المواجهة يعكس تعقيد الحسابات السياسية والعسكرية، خاصةً مع احتمال امتداد الحرب إلى دول أخرى، بما فيها سوريا، التي لا تزال تحمل آثار الحقبة السابقة التي تجعلها عرضة لهذا الامتداد.

المفارقة تكمن في أن صمت سوريا يتعارض مع مواقف الدول الداعمة لها في المرحلة الانتقالية، مثل تركيا وقطر والإمارات والسعودية، التي أدانت الهجوم الإسرائيلي على إيران، إدراكاً منها لخطورة تداعيات أي هزيمة تتعرض لها طهران على توازنات المنطقة. وفي هذا السياق، اتصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، مطالباً إياه بالحرص على إبقاء سوريا بمنأى عن الصراع، محذراً من التنظيمات الإرهابية والعناصر المتطرفة.

الأوساط السياسية المقرّبة من وزارة الخارجية السورية تلتزم الصمت، مكتفيةً بالقول إن سوريا "متفرّجة" وغير معنية بالحرب، وهو خطاب أقرب إلى الاستهلاك الإعلامي. ويرى مراقبون أنه من غير المتوقّع أن يُطلب من سوريا اتخاذ موقف واضح ما دامت التطورات قابلة للضبط والسيطرة. إلا أن اتساع رقعة المواجهة قد يجبر دمشق على اتخاذ موقف مختلف، حيث "قد لا تكون الحيادية التامة مطروحة"، وقد تضطر إلى الاصطفاف إلى جانب الحلف الأميركي – الإسرائيلي.

حتى الآن، لم تُجبر دمشق على اختبار موقفها، وفي ظل التطورات الحالية، من الصعب رصد فروق ملموسة بين موقفها ومواقف دول قريبة من إيران، كالعراق. فسوريا لا تمنع استخدام أجوائها كممرّات للصواريخ والطائرات المسيّرة، ولا تعترض على إسقاط القوات الأميركية لتلك المسيّرات فوق أراضيها، من دون أن تردّ على الطائرات الإسرائيلية، والعراق لا يفعل أكثر من ذلك.

غير أن تمدّد الحرب عبر تفعيل إيران لأذرعها في المنطقة قد يدفع دمشق إلى تغيير موقفها بشكل دراماتيكي. وتحسّباً لهذا السيناريو، أرسلت وزارة الداخلية السورية قوات أمن إضافية إلى الحدود مع العراق لضبطها، وبدأت مداهمات ضد عناصر متعاونين مع المليشيات الإيرانية للحد من قدرتهم على التحرك. إلا أن هذه الإجراءات قد تكون عديمة الجدوى إذا قررت إيران توسيع رقعة الحرب.

مشاركة المقال: