الثلاثاء, 24 يونيو 2025 02:28 PM

تحليل: إلى أين تتجه الأوضاع بعد الضربة الأمريكية والرد الإيراني؟

تحليل: إلى أين تتجه الأوضاع بعد الضربة الأمريكية والرد الإيراني؟

تشير الدلائل إلى أن الأمور تتجه نحو التهدئة، حيث يحاول كل من ترامب والمسؤولين الأمريكيين التخفيف من أثر الرد الإيراني. هذا الرد، بدوره، جاء كمحاولة من إيران لاستعادة مكانتها، خاصة أمام الشعب الإيراني، وليس بهدف إلحاق خسائر فادحة بالأمريكيين أو تأجيج الصراع.

ترامب يشكر إيران على هذا، معلناً أن "حان وقت السلام". ويؤكد مسؤول كبير في البيت الأبيض أن "هدف ترامب الآن هو إنهاء الحرب، وأنه يعتزم إبلاغ نتنياهو بذلك". في المقابل، يمرر المسؤولون الإسرائيليون عبر وسائل الإعلام أن نتنياهو سيطلب من الأمريكيين وقف الحرب. من جانبها، لن تمانع إيران وقف القتال إذا لمست جدية إسرائيلية وأمريكية في ذلك.

كيف سيبدو المشهد إذا توقفت الحرب عند هذا الحد؟ ظاهرياً، سيقول نتنياهو إنه حقق أهدافه، خاصة في ضرب المنشآت النووية الإيرانية. والأمريكيون سيؤكدون أيضاً أنهم حققوا أهدافهم بضرب المنشآت النووية ومنع إيران من صنع القنبلة النووية. والإيرانيون سيقولون إنهم ردوا بقوة على الإسرائيليين والأمريكيين وأفشلوا أهدافهم.

بغض النظر عن هذه المواقف المتوقعة وادعاء كل طرف بتحقيق أهدافه، كيف يبدو الواقع على الأرض بعد هذه المواجهة؟ لا شك أن إيران تلقت ضربات قوية وخسائر كبيرة، وهذا متوقع في أي حرب. لكن الواقع يشير إلى أنها تمكنت من تجاوز الصدمة الأولى ووجهت ضربات موجعة للإسرائيليين لم تكن تتوقعها. ويحق للإيرانيين القول إنهم أفشلوا الأهداف الرئيسية للعدوان، وهي التدمير الكامل للبرنامج النووي الإيراني والبرنامج الصاروخي ومحاولة تحريض الشعب الإيراني على قيادته.

أما إسرائيل، وبغض النظر عن محاولات نتنياهو والإعلام المؤيد له الظهور بمظهر المنتصر، فإن الواقع على الأرض يشير إلى أنها تلقت ضربات موجعة وغير مسبوقة، وتكبدت خسائر زعزعت أركان وجودها. فالضربات الإيرانية طالت معظم المواقع الاستراتيجية والحساسة، وفي مقدمتها ما يمكن أن نطلق عليه دماغ إسرائيل، مثل معهد وايزمان وموقع سوروكا ومواقع السيطرة والتحكم والاتصالات وإدارات الحرب السيبرانية والإلكترونية. كما أدت إلى هروب الاستثمارات والشركات الكبيرة وتوقف دورة العمل فيها.

أما الخسارة الأهم لإسرائيل فهي في العامل الديموغرافي الذي يشكل نقطة الضعف القاتلة لها، حيث شهدت إسرائيل هجرة كبيرة منذ طوفان الأقصى. ولولا إغلاق السلطات الإسرائيلية للمطارات والمنافذ الحدودية منذ بدء المواجهة لمنع الهروب الجماعي للإسرائيليين، لكنا رأينا مشاهد هروب منها بمئات الآلاف. وهذا وحده كاف لوضع إسرائيل أمام خطر الوجود ووحده كفيل بانهيار إسرائيل من الداخل. ونستطيع التأكيد بأنها ستبقى أمام هذا الخطر بعد توقف القتال لأن إسرائيل فقدت أهم شيئين أمام مجتمعها وهو فقدان الأمان والثقة بقدرة الجيش الإسرائيلي على توفير مقومات البقاء للكيان وسيكون من الصعب على الحكومة الإسرائيلية وقف الهجرة منها.

أما إيران، ورغم أنها ستتمكن من ترميم ما خسرته، لكن النظام الإيراني سيواجه بعد توقف القتال حرباً ناعمة من أمريكا وإسرائيل والمنظومة الغربية لاستهدافه من الداخل ومحاولات إسقاطه. هذه النتيجة تؤكد بأن توقف الحرب عند هذه النقطة سيجعل كفة الحرب راجحة لصالح إيران خاصة إذا ما تنبهت لمحاولات استهدافها من الداخل وتمكنت من مواجهة هذا الخطر.

ومع عدم تمكن إسرائيل والولايات المتحدة من حسم الحرب وتحقيق الأهداف ومع الخسائر التي تلقتها إيران وتأثير ذلك على توازنات القوى والقوة الإقليمية والدولية فإن هذه النتيجة ستفتح المجال لتحقيق تفاهمات لإعادة الهدوء إلى المنطقة وهذا سيطال حتى أوكرانيا والعلاقات الصينية الأمريكية.. ولهذا حديث آخر.. (اخبار سوريا الوطن-١)

مشاركة المقال: