الأربعاء, 25 يونيو 2025 01:13 AM

تحقيق يكشف: مصادرة أراضي مهجّري معان في حماة يثير مخاوف من تغيير ديموغرافي

تحقيق يكشف: مصادرة أراضي مهجّري معان في حماة يثير مخاوف من تغيير ديموغرافي

كشف تحقيق أجرته منظمة “نشطاء الحقيقة” عن محاولات للاستيلاء على أراضٍ زراعية في قرية “معان” بريف “حماة” الشمالي الشرقي، تعود ملكيتها لمهجّرين من القرية من الطائفة العلوية.

يشير التحقيق إلى أن قرية “معان”، التي كان سكانها خليطًا من الطائفتين السنية والعلوية، وتضم أيضًا نسبة عالية من البدو، تشكل الأراضي المزروعة بالفستق الحلبي والزيتون 8% من مساحتها. تعرضت القرية لهجمات وعمليات تهجير لسكانها بين عامي 2013 و 2018، وكانت محاصيلها الزراعية عرضة للسرقات من مختلف الأطراف المتصارعة.

بعد تحرير مدينة “حلب” أواخر العام الماضي وتوجه قوات “ردع العدوان” جنوبًا، غادر السكان العلويون القرية خوفًا من المعارك، كما نزح قسم من السكان السنة. لم يتمكن العلويون حتى اليوم من العودة للقرية بسبب الوضع الأمني غير المستقر وتعرضهم للتهديد، خاصة من قبل البدو.

شكل سكان القرية لجنة محلية للتواصل مع السلطات وحل النزاعات تمهيدًا لعودة الجميع إلى قريتهم. تمكنت هذه اللجنة من حل العديد من المشكلات وتوصلت، بالتنسيق مع الجهات الحكومية في محافظة “حماة” ومع مكتب الشؤون السياسية، إلى اتفاق يسمح للمهجرين بعرض أراضيهم الزراعية للاستثمار. لكن هذه المبادرة تعثرت بسبب إعلان مسؤولين حكوميين مصادرة عدة أراضٍ في القرية، وبسبب تهديد البدو للمستثمرين رغم وجود عقود استثمار قانونية.

وبحسب “نشطاء الحقيقة”، فقد تم تهديد السكان في نيسان الماضي بعرض أراضي الفستق الحلبي التي يملكها سكان علويون للاستثمار بعقود تعود إلى شركة “اكتفاء” للاستثمار دون إعطاء نسبة لأصحاب الأراضي، الأمر الذي أثار جدلاً أدى لتغيير مدير المنطقة وتعيين المحامي “عبد السلام القاسم” بدلاً عنه قائداً لمنطقة ريف حماة الشمالي الشرقي.

بينما استمرت جهود المصالحة وحل الأزمة، حضر إلى “معان” في 17 حزيران الجاري، مدير ناحية صوران “هارون الطويل” ونائب مدير منطقة ريف حماة الشمالي الشرقي “إسماعيل خطاب” نظراً لغياب “القاسم” ووجوده في “السعودية” لأداء فريضة الحج. اجتمع المسؤولون بسكان من القرية وأبلغوهم بأن الدولة قررت مصادرة بعض الأراضي الزراعية في قرية “معان” لصالح شركة “اكتفاء”، وذلك حفاظاً على دماء المسلمين على حد تعبير التقرير.

برر المسؤولون الأمر بقلة المواسم هذا العام ومنع المشكلات وإيقاف سرقات البدو للمحاصيل، وقالوا أنه سيتم توكيل هذه الأراضي لأشخاص من الطائفة السنية في القرية، وسيتم تثبيت نقطة لـ”الأمن العام” لحماية الأراضي من السرقات.

وبحسب التقرير، فإن 95% من أراضي القرية تعود ملكيتها لسكان علويين مهجرين، فيما لم يتم إرسال أي قوة تابعة للدولة السورية إلى القرية لوقف السرقات. في حين كان الاتفاق في أيار الماضي أن يتم السماح للمهجرين العلويين بتوقيع عقود مع مستثمرين من اختيارهم بنسب متفق عليها لاستثمار أراضيهم، في خطوة اعتبرت جيدة لحماية الحقوق والملكيات وحق السكان بإدارة أملاكهم الخاصة.

لكن قرار المصادرة أنهى الآمال بفعالية تلك الخطوة، وأشار التقرير إلى أن متواطئين محليين من العلويين والبدو يعرقلون جهود المصالحة وحماية الحقوق عبر تهديد المستثمرين ومنعهم من الوصول إلى أراضيهم. كما أن عدداً كبيراً من البدو القادمين من خارج القرية سيطروا تقريباً على “معان” واستولوا على منازل السكان ويهددون محاولات حل الملف بهدف السيطرة على المواسم الزراعية والمنازل.

تقترح منظمة “نشطاء الحقيقة” تطبيق عدالة انتقالية حقيقية وبآليات واضحة، مع الإشارة إلى ضرورة محاسبة أي شخص من القرية تورط بدماء السوريين بمحاكمات واضحة وعادلة وليس محاسبة قرية كاملة لأسباب طائفية بدلاً من محاسبة المجرمين الحقيقيين. كما دعت المنظمة إلى دعم وحماية الدولة لجهود السلم الأهلي وحماية الحقوق عبر دعم اللجنة المحلية وتأمين الحماية للجميع، وحماية المستثمرين تمهيداً لعودة السكان إلى “معان”. وحذّرت من أن تأخير تدخل الدولة لحماية الحقوق يهدد بتغيير ديموغرافي خطير في منطقة تضم أكثر من 20 قرية و”معان” واحدة منها.

لفت التقرير إلى أهمية تفعيل مكتب الفستق الحلبي في المنطقة لمتابعة قضايا الأراضي وحماية الفلاحين من الاستغلال ودعم المحصول الزراعي، ودعم المستثمرين لمتابعة عقودهم. ويفتح الحديث عن “معان” ملفاً أوسع حول تهجير سكان على أساس طائفي وحرمان الأهالي من العودة إلى منازلهم بسبب هشاشة الوضع الأمني وعدم وجود وسائل حماية لهم من التهديدات التي تطالهم، كما أن الدولة تتحمل مسؤولية إنهاء عمليات الاستيلاء على المنازل دون وجه حق وعرقلة جهود المصالحة وبناء السلم الأهلي.

مشاركة المقال: