الأربعاء, 25 يونيو 2025 08:42 PM

تحقيقات تكشف: شبكات فساد تستغل أزمة الوقود في دمشق تحت غطاء "الدفاع الوطني"

تحقيقات تكشف: شبكات فساد تستغل أزمة الوقود في دمشق تحت غطاء "الدفاع الوطني"

بين عامي 2018 و 2021، بينما كان السوريون يعانون من أجل الحصول على كميات قليلة من الوقود، كانت شبكة منظمة تستغل مخصصات المشتقات النفطية في دمشق، محققة أرباحًا طائلة على حساب معاناة المواطنين. تكشف مصادر مطلعة ووثائق عن تورط شخصيات نافذة، بما في ذلك عناصر من "الدفاع الوطني" ومسؤولين في محافظة دمشق ومدير محروقات دمشق في تلك الفترة، إبراهيم أسعد، في إدارة سوق سوداء واسعة النطاق.

وفقًا للمعلومات المتوفرة، تم بناء نظام فساد محكم سيطر على توزيع المحروقات في دمشق والمناطق المجاورة. كان أصحاب محطات الوقود الخاصة يُجبرون على دفع مبالغ كبيرة لضمان حصولهم على مخصصاتهم. وأفاد أحد مالكي المحطات، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، بأنه كان يُجبر على دفع ما يصل إلى 1500 دولار أمريكي لمسؤولين في المحافظة مقابل كل طلب بنزين أو مازوت. وأضاف: "لتغطية هذه الرشوة وتجنب الخسارة، لم يكن أمامنا خيار سوى التلاعب بالعدادات. كنا نقتطع ما يقارب اللتر ونصف اللتر من كل 20 لتراً يتم بيعها للمواطن".

لم يقتصر الفساد على المحطات الخاصة، بل امتد ليشمل المخصصات المدعومة لقطاعات حيوية. وكشف مصدر من داخل التجمع السكني في مشروع دمر كيف كانت تُسرق مخصصات التدفئة المركزية بشكل منهجي. وذكر المصدر أنه كان يُطلب للمشروع حوالي 400 ألف لتر من المازوت في كل موسم شتاء بسعر مدعوم، بالتنسيق المباشر بين "الدفاع الوطني" في المنطقة ومدير فرع محروقات دمشق في تلك الفترة والمكتب التنفيذي المختص. كانت هذه الكميات تُباع في السوق السوداء بأسعار مضاعفة، بينما كان سكان المشروع يعانون من نقص التدفئة. وبالمثل، تم التلاعب بمخصصات قطاع النظافة في المحافظة، حيث كان نصفها يذهب مباشرة لتجار السوق السوداء.

شملت السرقة أيضًا قطاعات حساسة كالصحة والاتصالات. فكانت المستشفيات الحكومية ومراكز الاتصالات تُمنح كميات من المازوت تفوق حاجتها الفعلية بعشرات الآلاف من اللترات، ليتم بيع الفائض في السوق السوداء.

امتدت آثار هذه الشبكة لتصل إلى محافظة القنيطرة، حيث كان المواطنون يعانون للحصول على حصصهم الضئيلة، مع وجود تمييز في التوزيع بناءً على الولاءات، مما فاقم من معاناة السكان.

في مطلع عام 2021، أقدم وزير النفط آنذاك على إعفاء مدير محروقات دمشق، إبراهيم أسعد، على خلفية ملفات فساد مالي، مما أدى إلى صراع بين محافظ دمشق ومافيا "الدفاع الوطني" ووزارة النفط. وبعد ثمانية شهور نجحت الضغوط على وتم تعينه مدير للتقانة والمعلوماتية ليبدء مشواره في تنفيذ عمليات غير قانونية تستهدف المراجعين بحسب 3 شهادات سمعتها "زمان الوصل".

يطالب مفتش رقابي سابق بإعادة فتح التحقيق في هذه الخروقات، مؤكدًا أن الوثائق ما زالت موجودة في أرشيف مكتب الرقابة في وزارة النفط، وتشكل دليلاً قاطعاً على حجم الهدر والفساد الذي استنزف المال العام وأثقل كاهل المواطن السوري. إن تحقيق العدالة واسترداد الأموال المنهوبة يمثل ضرورة لإعادة بناء الثقة بمؤسسات الدولة ومحاسبة كل من ساهم في تعميق جراح السوريين. زمان الوصل

مشاركة المقال: