الأربعاء, 25 يونيو 2025 10:18 PM

أرصفة دمشق تتحول إلى ساحات عرض وورش صيانة: المشاة ضحية الإشغالات وغياب الرقابة

سومر الحنيش: تشهد دمشق، المدينة التي لطالما عُرفت بجمالها وعراقتها، تحولاً ملحوظاً في تفاصيل الحياة اليومية. فقد تحولت الأرصفة، التي صُممت لتكون ممرات آمنة للمشاة، في العديد من أحيائها إلى مواقف للسيارات، سواء كانت عامة أو خاصة، ومعارض لعرض السيارات، وحتى ورش تصليح متنقلة.

في قلب المدينة، في مناطق مثل البرامكة والفحامة والعديد من الشوارع الأخرى، يضطر المشاة إلى السير في الشارع لعدم وجود مساحة لهم على الرصيف. فعلى سبيل المثال، بالقرب من ملعب تشرين في البرامكة، يمكن رؤية أصحاب ورش الصيانة وقد حولوا الرصيف إلى ورشات تصليح، مع علب زيت مستعملة وقطع غيار متناثرة ومولدات كهربائية تصدر ضجيجاً مستمراً.

يقول "أبو كاسم"، صاحب ورشة تصليح متنقلة: "كنت أمتلك محلاً في "حوش بلاس"، لكن ارتفاع الإيجارات وأسعار القطع أجبرني على الانتقال إلى الرصيف. هنا لا أدفع شيئاً، وزبائني يعرفونني منذ سنوات، بالإضافة إلى أن الأسعار عندي أقل من المحال".

من جانبه، يرى "سليمان"، صاحب محل في حي الفحامة، أن هذه الظاهرة تسبب لهم خسائر كبيرة، مضيفاً: "الناس تلجأ لورش الأرصفة بسبب فارق السعر، لكن أصحاب المحلات يدفعون فواتير كهرباء وماء، وأجور عمال، وضرائب، وفي النهاية نحن نتعرض لضرر كبير".

الظاهرة تتوسع لتشمل أحياء أخرى مثل المزرعة، وشارع الباكستان، والزاهرة، والمزة، حيث تُستخدم الأرصفة كمعارض سيارات غير مرخصة. تُصف السيارات على الأرصفة بشكل منظم وتُلصق عليها أوراق للبيع، مما يحول الرصيف إلى صالة عرض مكشوفة.

محمد سعيد، أحد سكان حي المزرعة، يقول: "كل يوم أرى سيارات جديدة واقفة على الرصيف، والباعة أصبحوا يأتون بزبائنهم إلى هنا، كأنها صالة عرض، وكل هذا من دون حسيب أو رقيب، وكأن الوضع طبيعي!".

بدورها، تقول أم عدنان، سيدة خمسينية تقطن في الفحامة: "سابقاً كنا نمشي على الرصيف بأمان، واليوم نضطر إلى النزول إلى الشارع وسط زحمة السيارات لأن الرصيف غير متاح، فهو إما أصبح موقفاً لعرض السيارات، أو تحول لورشة تصليح.. وتساءلت: وين نروح؟!".

المهندس مالك الخطيب يرى أن المشكلة تكمن في غياب الرقابة، مضيفاً أن تحويل الأرصفة إلى أنشطة غير مخصصة لها لا ينتهك فقط حقوق المشاة، بل يشكل أيضاً خطراً مرورياً حقيقياً، خصوصاً في المناطق المكتظة.

ويضيف: إن استمرار هذا الوضع يكرس ثقافة التعدي على الممتلكات العامة، ويعكس فشل الجهات المعنية في فرض القانون وتنظيم الحياة المدنية.

في ظل غياب الرقابة وضعف تطبيق القوانين، تبدو الأرصفة في دمشق ضحية جديدة لحالة الفوضى. وبينما يواصل المشهد تمدده وسط صمت رسمي، تظهر تساؤلات جادة: من يحمي الأرصفة؟ ومن يعيد للمواطن أبسط حقوقه في المشي بأمان؟!

أخبار سوريا الوطن١-الثورة

مشاركة المقال: