الخميس, 26 يونيو 2025 01:34 AM

دعوة للوحدة والبناء: سوريا تتجاوز الاتهامات نحو مستقبل واعد

دعوة للوحدة والبناء: سوريا تتجاوز الاتهامات نحو مستقبل واعد

أخبار سوريا والعالم/ دمشق – د. محمد الجبالي: لقد حان الوقت لنتوقف عن التجاذبات والصراعات، ويكفينا انقسامًا وعتابًا، وكفانا عبثًا بالمواقف. يجب ألا نتعامل وكأننا في سباق لإثبات من هو الأفضل والأكثر استحقاقًا!

سوريا لم تكن أبدًا مكانًا للترف السياسي أو ساحة لتصفية الحسابات، بل كانت – ولا تزال – أرضًا مليئة بالدموع والركام والصبر والأمل. من بقي في الداخل ليس خائنًا، ومن غادر ليس جبانًا، فجميعنا تحركنا بتيارات مختلفة، لكنها اتحدت في بحر الألم نفسه. كنا نخشى الظل، والهمسة، والنظرة، والسؤال البريء الذي قد يُفهم خطأ ويُفسَّر كجريمة. عاش السوري بين المطرقة والسندان، بين الخوف من الداخل والرعب من المجهول في الخارج، ومن صمد، فبفضل الله صمد، وليس بقوته أو خططه.

لماذا نستمر في الوقوف على أنقاض الماضي؟ وما الفائدة من نبش الذاكرة للبحث عن الأكثر صدقًا في وجعه؟ الحقيقة هي أن الجميع مجروح، وكل بيت في سوريا فقد عزيزًا أو شهيدًا أو مهجرًا أو مكسور الخاطر. فلنغلق دفاتر الاتهام ولنفتح نوافذ الغد. نحن لا ندعو إلى النسيان، بل إلى التجاوز. نعم، يجب محاسبة المجرم، ولا مكان بيننا لمن تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء، ولكن يجب أن يكون العدل هو الحكم، لا الغضب ولا الثأر ولا الضجيج.

سوريا اليوم لا تحتاج إلى المزيد من المؤتمرات والخطابات النارية ومحاولات التخوين، بل تحتاج إلى من يمسك بالمعول لا الميكروفون، ومن يضع حجرًا في البناء بدلًا من أن يرميه في وجه أخيه. المرحلة المقبلة ليست للثرثرة، بل للعمل الجاد، للزراعة والتعليم والإعمار، لنشر السكينة بدلًا من الفزع، وغرس معنى الوطن في نفوس أبنائنا، لا مجرد جغرافيا ممزقة. فلنمضِ معًا كتفًا بكتف، (لا غالب ولا مغلوب...). سوريا لن تُبنى إلا عندما يؤمن كل واحد فينا بأن الآخر جزء من الحل، لا خصمًا في معركة لا رابح فيها. نريد وطنًا يتسع للجميع، وطنًا لا تفرّق أهله التهم ولا تقصيهم الشعارات، وطنًا يقوم على المصالحة لا المحاصصة، وعلى العمل لا المهاترة. كفانا انقسامًا، وكفانا جلدًا للذات والآخر. حان وقت سوريا الجديدة: سوريا التي لا يُقصى فيها أحد ما دام يؤمن بالحرية والكرامة والعمل.

مشاركة المقال: