الثلاثاء, 1 يوليو 2025 02:19 AM

من قلب المعاناة إلى لقمة العيش: قصة أم من القامشلي تتحدى الفقر بصناعة خبز التنور

من قلب المعاناة إلى لقمة العيش: قصة أم من القامشلي تتحدى الفقر بصناعة خبز التنور

نالين علي – القامشلي

على مشارف الحزام الشرقي لمدينة القامشلي، بالقرب من الحدود السورية التركية، تقف ملكة السيد، الأم لخمسة أيتام والمرأة الخمسينية، تحت أشعة الشمس الحارقة أمام تنورها الطيني. تصنع ملكة أرغفة خبز تحمل بين ثناياها حكاية كفاح وأمل في مواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة.

صناعة خبز التنور ليست غريبة على المنطقة، حيث توجد أفران عديدة في المدينة تعمل في هذا المجال. لكن اختيار السيدة "السيد" لخبز التنور وبيعه على أطراف الحزام بجانب الطريق العام، جذب انتباه المارة وأوجد لها مكانة خاصة في ذاكرة سكان المدينة الذين يفضلون هذا النوع من الخبز.

مشروع ذاتي

تقول ملكة السيد (48 عاماً)، وهي من سكان حي محمقية في القامشلي وأصلها من القرى المجاورة: "كنت أعمل سابقاً في أحد المعامل، لكن الراتب لم يكن كافياً لتلبية احتياجاتنا." وتضيف: "أنا ابنة الريف، ونحن ماهرون في صنع خبز التنور، لذلك قررت أن أبدأ مشروعاً صغيراً بنفسي."

وتشير "السيد" إلى أنها بدأت في تنفيذ فكرتها منذ شهرين، على الرغم من إمكانياتها المحدودة، حيث صنعت تنوراً من الطين بيديها ووضعته بالقرب من طريق عام لضمان تدفق الزبائن. قبل انتقالها إلى طريق الحزام في القامشلي، كانت تصنع الخبز في المنزل وتبيعه لسكان الحي، لكن البيع كان قليلاً ومحدوداً. وتقول: "هنا على الشارع العام، البيع أفضل وأكثر ربحاً بالنسبة لي." وتضيف: "الموقع مهم جداً، فالناس يمرون هنا يومياً، وهذا أفضل من البيع في الحي أو الذهاب إلى السوق."

لكن الطريق لم يكن سهلاً، فارتفاع أسعار الطحين، الذي تشتريه بـ 180 ألف ليرة سورية، يعيق قدرتها على الخبز. وتقول: "في بعض الأيام لا أملك ثمن الطحين، فأضطر إلى التوقف عن العمل."

تحديات ومضايقات

تبدأ "السيد" عملها في الساعة السادسة صباحاً وحتى الظهيرة، ثم تعود مجدداً في الرابعة عصراً لاستكمال العجن والخبز، مضيفة: "أعمل تحت الشمس، لكنني مضطرة ومجبرة على العمل بجد لتغطية نفقاتي." يساعدها أطفالها في جمع الحطب، لأنها لا تستطيع تحمل تكلفة شرائه جاهزاً. وعلى الرغم من أن فكرة وضع التنور على الطريق العام أدت إلى زيادة المبيعات، إلا أنها تواجه مضايقات من البلدية، التي طلبت منها أكثر من مرة إزالة التنور.

وتقول "السيد": "لا أعرف ما المشكلة، فأنا لا أسبب أي ضرر، أنا أعمل فقط لإعالة أطفالي." على الرغم من قصر مدة المشروع، إلا أن الخبز الذي تصنعه "السيد" بدأ يجذب الزبائن، حيث يفضله الكثيرون لأنه مصنوع بيد امرأة، كما تقول، مما يمنحه طابعاً محلياً وأصيلاً.

تحرير: خلف معو

مشاركة المقال: