الإثنين, 30 يونيو 2025 02:24 PM

التزييف العميق: تقنية تتطور بسرعة تثير المخاوف بشأن التضليل الإعلامي والأمني

التزييف العميق: تقنية تتطور بسرعة تثير المخاوف بشأن التضليل الإعلامي والأمني

تداول مستخدمو منصة "إكس" مقطع فيديو يظهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وهما يتصافحان، وذلك بعد المشادة الكلامية التي وقعت بينهما على هامش لقائهما في البيت الأبيض في شباط الماضي. وقد تبين لاحقًا أن هذا المقطع مفبرك بتقنية "التزييف العميق" (Deep Fake)، التي تشهد تطورًا سريعًا بفضل الذكاء الاصطناعي وخوارزميات التعلم العميق.

وقد أدى هذا التطور إلى ظهور تطبيقات وأدوات قادرة على إنتاج محتوى مزيف يصعب تمييزه عن الحقيقي، مما يثير مخاوف بشأن استخدام هذه التقنية في مجالات مثل السياسة والأمن والإعلام والحياة الشخصية.

ما هو "التزييف العميق"؟

"التزييف العميق" هو إنشاء أو التلاعب بمقاطع الفيديو أو الصور أو التسجيلات الصوتية باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) والتعلم الآلي (ML)، وخاصة التعلم العميق (DL). تسمح هذه التقنيات باستبدال أو توليف الوجوه والأصوات والأفعال بشكل مقنع، مما يجعل الأمر يبدو وكأن شخصًا ما قال أو فعل شيئًا لم يفعله في الواقع. وعلى الرغم من أن تقنية "التزييف العميق" نشأت في مجتمعات الإنترنت، إلا أنها تطورت بسرعة وأصبحت تشكل تحديًا أخلاقيًا.

يعتمد "التزييف العميق" على شبكات الخصومة التوليدية (GANs)، التي تتكون من شبكتين عصبيتين متنافستين: الأولى تنشئ المحتوى المزيف، والأخرى تحاول التمييز بين المحتوى الحقيقي والمزيف. ومن خلال التدريب التكراري، يصبح المولد بارعًا في إنتاج محتوى مزيف واقعي يمكن أن يخدع المميّز والمراقبين البشريين.

وقد أتاحت البرمجيات الحديثة إنشاء مقاطع مزيفة لشخصيات عامة وسياسيين ينطقون بعبارات لم تُقل في الأصل، بالإضافة إلى تركيب وجوه على مقاطع فيديو حساسة دون موافقة أصحابها، مما أدى إلى تصاعد استخدام التقنية في حملات تشويه السمعة والابتزاز.

تشير الدراسات الحديثة إلى توسع نطاق هذه الظاهرة بشكل ملحوظ. ففي تقرير صادر عن "مركز الأمن والتقنية الناشئة" بجامعة "جورج تاون"، حذرت دراسة بعنوان "التزييف العميق: تقييم التهديدات الواقعية" من أن التزييف العميق قد يصبح إحدى أكثر أدوات التضليل تأثيرًا في السنوات المقبلة. وأفادت الدراسة بأن أكثر من 90% من المحتوى المرئي المنشور عبر الإنترنت قد يكون عرضة للتلاعب أو التزييف بحلول عام 2026.

وفي سياق متصل، نشر مركز "الإمارات للدراسات والبحوث التجريبية" تقريرًا عن "تحديات التزييف العميق لمصداقية المعلومات وسبل مواجهتها". وتضمن التقرير طرقًا للحد من التداعيات السلبية لـ"التزييف العميق"، مثل تطوير أدوات ذكية لتمييز المحتوى المزيف، وزيادة مستويات التعاون الدولي، وتوحيد المفاهيم والأدوار الرئيسة في الحملات التضليلية، وفرض الحكومات آليات مراقبة على منصات التواصل الاجتماعي.

ومن المتوقع ظهور نشاطات تضليلية أكثر تعقيدًا في أثناء الحملات الانتخابية مع استمرار تقدم الذكاء الاصطناعي. لذا، يجب على الدول أن تسعى إلى تقليص "الأمية الإعلامية" لتخفيف مخاطر "التزييف العميق" على مجتمعاتها، وإلزام القطاع الخاص بتحمل مسؤوليته الاجتماعية في مواجهة المعلومات المضللة و"التزييف العميق"، بحسب التقرير.

ونظرًا إلى صعوبة تحديد حجم التأثير الذي يفرضه "التزييف العميق" على مختلف الدول، فإن فجوة التحليل في التقرير تتمثل في عدم إمكانية تحديد الدول الأكثر تأثرًا بالتبعات السلبية لهذا التزييف.

مشاركة المقال: