الإثنين, 30 يونيو 2025 09:16 PM

عودة إلى داريا: المغتربون السوريون يستعيدون ذاكرة الثورة في مدينة الصمود

عودة إلى داريا: المغتربون السوريون يستعيدون ذاكرة الثورة في مدينة الصمود

في مشهد مؤثر يمزج بين ألم الماضي وأمل المستقبل، زارت مجموعة من العائلات السورية المغتربة مدينة داريا بريف دمشق، برفقة نشطاء إعلاميين. لم تكن هذه الزيارة مجرد جولة سياحية، بل رحلة إلى قلب الذاكرة الوطنية، حيث شهدت داريا واحدة من أبشع المجازر التي ارتكبها النظام السوري، وكانت رمزًا للصمود.

بدأت الزيارة من موقع مجزرة داريا الكبرى، حيث المقابر الجماعية لضحايا المدينة. هذه الأماكن، التي كانت محظورة على ذوي الشهداء والمفقودين، أصبحت اليوم محطة للذاكرة الحية، يزورها السوريون الأحرار لاستعادة تفاصيل الحصار والقصف والتجويع والتهجير القسري الذي عانته المدينة.

ذاكرة لا تموت

أكد القائمون على الزيارة أن توثيق أحداث داريا هو واجب أخلاقي وتاريخي لمنع تكرار الجرائم. وأشاروا إلى أن زيارة المدن المدمرة ليست مجرد ألم إضافي، بل حق وواجب على كل سوري مغترب أو ناجٍ أو شاهد على الحقيقة، لإبقاء صوت الضحايا حاضرًا في الذاكرة الجماعية.

وفي حديث خاص، قال ياسر جمال الدين، منسق الفعالية ومدير المكتب الإعلامي في داريا: "هذه الزيارة لم تكن مجرد وقوف على الأطلال، بل فعل مقاومة في وجه النسيان. عندما يسير أبناؤنا بين القبور والبيوت المهدمة، فإنهم يسمعون صوت من غابوا ويقرأون تاريخًا حاول البعض طمسه. أسئلة الأطفال المؤلمة والبريئة حول القصف والاعتقال والغياب هي بداية الوعي".

وأضاف جمال الدين: "داريا اليوم ليست مجرد ذاكرة للثورة، بل مختبر إنساني لإعادة بناء المعنى. لا يمكن لأي مصالحة شكلية أو سردية رسمية أن تطمس ما حدث. سياحة الذاكرة هذه جزء من معركة الحقيقة وخطوة ضرورية لإبقاء القضية حية، خاصة في وجدان الجيل الجديد من أبناء المغتربين".

بين الماضي والحاضر

شهدت الزيارة لحظات إنسانية مؤثرة، حيث تلا الأهالي الفاتحة على أرواح الشهداء ووقفوا بصمت أمام البيوت المهدمة. داريا، التي ارتبط اسمها بالكتب والورود والمقاومة المدنية، بدت اليوم نقطة التقاء للذاكرة والكرامة، ورسالة إلى السوريين بأن العودة إلى الجذور ليست انكسارًا، بل تأكيد على أن ما جرى لا ينسى ولا يغتفر.

مشاركة المقال: