الإثنين, 30 يونيو 2025 11:36 PM

نازك العابد: قصة المناضلة السورية الملهمة في كتاب جديد

يحتفي كتاب "نازك العابد"، الصادر حديثاً عن الهيئة العامة السورية للكتاب، بأسلوب قصصي شيق، بأول امرأة سورية لُقبت بـ "جنرال فخري" في الجيش السوري عام 1920. يسرد الكتاب، الموجه للأطفال والناشئة، قصة حياة وكفاح نازك العابد، كشخصية نسائية بارزة تركت بصمة مضيئة في تاريخ سوريا النضالي.

يأتي هذا الكتيب ضمن سلسلة "أعلام ومبدعون" للكاتبة إيمان النايف، ويقع في 46 صفحة. يهدف الكتاب إلى تقديم شخصية نازك العابد كمادة شيقة للجيل القادم، وخاصةً لفتيات سوريا، لتكون هذه السيدة وأمثالها نبراساً يقتدين به.

يتناول الكتيب نشأة نازك العابد في حي الميدان الدمشقي، ويأخذ شكل حكاية ترويها الأم لطفلها فارس، تأخذه في رحلة جذابة مع نازك العابد الأديبة والصحفية والناشطة الاجتماعية والسياسية. يبدأ الطفل بالتعرف عليها منذ ولادتها عام 1887 في دمشق، لأسرة سياسية عريقة تعود أصولها إلى مدينة معرة النعمان في إدلب، وسكنت حي الميدان العريق. والدها مصطفى باشا العابد كان من أعيان دمشق، وتولى محافظة الكرك وولاية الموصل أواخر الحكم العثماني، أما والدتها فريدة الجاد فكانت من النخبة المتنورة لنساء المجتمع الدمشقي.

كانت العابد واحدة من رواد النهضة الفكرية في الوطن العربي، ورمزاً من رموز الحركة الوطنية. قاومت الانتداب الفرنسي بالكلمة والبندقية معاً، وقارعت الظلم والاستعمار، ولُقبت بـ "السيف الدمشقي" و"جان دارك سوريا". شاركت في معركة ميسلون إبان زحف الجيوش الفرنسية إلى سوريا جنباً إلى جنب مع يوسف العظمة، وكانت تنظم المظاهرات للفتيات تنديداً بالاحتلال، مما دفع سلطات الانتداب لنفيها مرات عدة، دون أن يثنيها ذلك عن الاستمرار في النضال، لتعود بعدها وتشارك في ثورة عام 1925.

كان الطموح أحد عناوين حياة نازك العابد. تعلمت اللغتين العربية والتركية في دمشق، ومبادئ اللغتين الفرنسية والألمانية على أيدي مدرسين مختصين. وحين نُفيت مع أسرتها إلى تركيا، تعلمت التصوير الضوئي وفن الرسم والموسيقى والعزف على البيانو، واهتمت بعلم التمريض والإسعاف، وكتبت بأسماء مستعارة في بعض الصحف، لتتلمس لقضية بلادها آفاقاً واسعة، تنشر بها الحق في الحرية والاستقلال.

تركت نازك العابد أثراً إيجابياً في مجال الصحافة النسائية السورية، فأسست عام 1919 جمعية نور الفيحاء للعناية بتعليم النساء وتثقيفهن، ثم أصدرت المجلة الأدبية الشهرية نور الفيحاء، وساهمت بتأسيس جمعية يقظة المرأة الشامية، التي قدمت فيها دورات تعليم اللغة الإنجليزية والخياطة للفتيات اليتيمات من ضحايا الحرب، ونظمت ورشات مهنية لتعليمهن الصناعات اليدوية، تزامناً مع تأسيسها مدرسة بنات الشهداء ومكتبتها.

إيماناً منها بأن الوطن هو البوصلة، عُينت العابد رئيسة لجمعية النجمة الحمراء، وهي فرع للصليب الأحمر الدولي في سوريا، وتحولت بعدها إلى منظمة الهلال الأحمر. تسلمت إدارة ملجأ الأيتام، ووضعت حجر الأساس لمشفى يضم مئة سرير، وأسهمت بإنشاء مصنع السجاد الذي كان يخصص ريع المبيعات للأيتام، مما جعلها مناضلة حقيقية تستحق أن يخلد التاريخ اسمها بجدارة.

يُشار إلى أن الكاتبة والأديبة إيمان النايف من مواليد دمشق عام 1959، تحمل دبلوم دراسات عليا في علم الاجتماع، وعملت في مدارس دمشق، ولها عدة مقالات منشورة، كما قدمت محاضرات في شؤون التربية والمرأة، وأصدرت كتابين "عاشقات الياسمين" و"محطات في حياة الفنان محمد الحريري".

تابعوا أخبار سانا على ا و

مشاركة المقال: