الثلاثاء, 1 يوليو 2025 01:53 AM

كفرنبودة: الأهالي يبيعون أراضيهم على مضض لإعادة بناء منازلهم المدمرة

كفرنبودة: الأهالي يبيعون أراضيهم على مضض لإعادة بناء منازلهم المدمرة

بعد سنوات قضوها في النزوح واللجوء في المخيمات أو لدى الأقارب، عاد سكان بلدة كفرنبودة في ريف حماة الشمالي ليجدوا منازلهم مدمرة بشكل شبه كامل. يواجه الأهالي تحديًا كبيرًا في البحث عن مأوى بديل أو ترميم ما تبقى من منازلهم المتضررة. تتطلب عملية إعادة الإعمار تكاليف مالية باهظة لا يستطيعون تحملها، مما اضطرهم لاتخاذ قرار صعب ببيع أراضيهم الزراعية لتوفير المال اللازم.

أحمد الفارس، أحد أبناء البلدة، يمتلك مع إخوته 8 دونمات من الأرض. يقول إنه بصدد بيع نصيبه، وهو دونمين، لتمويل إعادة بناء منزله الذي دُمر بالكامل نتيجة قصف قوات النظام السابق. وأضاف لمنصة إخبارية: "عندما عدنا إلى البلدة، وجدنا منازلنا مدمرة. نحن مضطرون لبيع بعض الدونمات لتأمين المأوى لي ولأسرتي. الأمر صعب للغاية، ولكن لا يوجد خيار آخر أمامنا". وأكد الفارس أن معظم العائدين يتجهون لبيع أراضيهم رغم تعلقهم بها، مشبهًا إياها بالروح، لكن الحاجة الملحة للسكن أجبرتهم على ذلك. وأشار إلى أن نسبة المنازل الصالحة للسكن لا تتجاوز 7%، وأن الخدمات المحلية في البلدة شحيحة للغاية، ودعا المنظمات الإنسانية والمجتمع الدولي للاستجابة لنداءات الاستغاثة المتكررة.

محمود الشيخ، وهو مزارع من البلدة، أكد أن الأهالي يعودون تدريجيًا إلى كفرنبودة، لكنهم يواجهون واقعًا مأساويًا مع وجود دمار يقدر بنحو 90%. وأوضح أن الكثيرين مضطرون لبيع أراضيهم لتأمين المأوى، وأن بعضهم يضطر لنصب الخيام لعدم توفر أي سكن أو إمكانية مادية لإعادة بناء المنازل. وأضاف: "هذا هو واقعنا وهذه هي حياتنا... نبيع أرضنا لنعيش، ونترك ما كنا نقتات منه لنؤمن لنا سقفًا نأوي إليه".

عبد الباسط يوسف، صاحب مكتب عقاري في البلدة، أكد أن عمليات بيع الأراضي في كفرنبودة تضاعفت منذ نحو عام، خاصة بعد تحرير المنطقة. وقال: "منذ التحرير، بدأ الناس ببيع أراضيها بشكل غير مسبوق". وأشار إلى أن المنازل مدمرة ولا يوجد موسم زراعي يوفر دخلًا، لذلك يلجأ الناس لبيع الأراضي لترميم ما يمكن ترميمه من البيوت. وأضاف أن 90% من المنازل لا تصلح للسكن أو حتى الترميم، مؤكدًا أن هناك إقبالًا كبيرًا على البيع، وأنه خلال ثلاثة أيام فقط، كانت هناك 16 حالة تريد بيع أرضها لتأمين اللازم لإعادة الإعمار. وشدد على أن المواطن يبيع وهو مجبر على ذلك، وليس طمعًا أو استثمارًا.

تتزامن هذه التحركات مع عودة مئات العائلات إلى كفرنبودة بعد سنوات قضوها في مخيمات النزوح أو في أماكن مختلفة، حيث يأمل هؤلاء في استعادة حياتهم الطبيعية، لكن الواقع المرير يضعهم أمام خيار واحد: التخلي عن مصدر دخلهم الوحيد، أو ترك الأرض التي تشربوا من ترابها، مقابل الحصول على سقف يقيهم البرد والشتاء. ولا تزال البلدة تعاني من نقص حاد في الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والصرف الصحي، فضلًا عن غياب المرافق الصحية والتعليمية، ما يجعل عودة الحياة إليها أمرًا في غاية التعقيد. في ظل هذا الوضع الإنساني الصعب، وجّه السكان نداء استغاثة عاجلًا إلى المنظمات الإنسانية والجهات المعنية المحلية والدولية، للتحرك الفوري وتوفير الدعم اللازم لإعادة تأهيل البنية التحتية، ودعم العائدين بإسكان مؤقت أو دائم، قبل أن تتحول كفرنبودة إلى منطقة "مزادات عقارية" يفقد فيها الناس كل شيء.

مشاركة المقال: