جاد ح. فياض - يبدو أن اتفاقية التطبيع بين إسرائيل وسوريا قد تكون أقرب من أي وقت مضى. تجري مباحثات مكثفة مصحوبة بحملة إعلامية مكثفة، وكأنها تمهد الطريق لتسوية العلاقات بين الطرفين. يأتي ذلك في ظل رغبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في توسيع نطاق الاتفاقيات الإبراهيمية وتحقيق "إنجاز" جديد مع بداية ولايته، بالإضافة إلى اعتقاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن التطبيع قد يشكل له مخرجًا.
الكرة الآن في ملعب إسرائيل، حيث أعلن الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع عن رغبته في إنهاء الصراع، ويرى مصلحة سياسية في تحييد الخطر الإسرائيلي عن نظامه وحدوده. لكن السؤال المطروح هو رؤية نتنياهو لهذه التسوية ودورها في مستقبله السياسي، في ظل الحديث عن صفقة سياسية – قضائية محتملة، يتم بموجبها إسقاط محاكمات نتنياهو مقابل وقفه للحرب في غزة واستكمال الاتفاقيات الإبراهيمية.
نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" معلومات تفيد بأن وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر توجه إلى واشنطن لمناقشة التوسع المحتمل لاتفاقيات أبراهام. ومع ذلك، هناك تحديات مهمة تواجه هذه الاتفاقيات، وعلى رأسها هوية الجولان ومصير المناطق التي سيطرت عليها إسرائيل بعد سقوط نظام بشّار الأسد. إلا أن هذه النقاط، على أهميتها، ليست هي الفيصل في إتمام الاتفاق من عدمه، فالقرار في نهاية المطاف سياسي إسرائيلي – أميركي – سوري.
الكاتب السوري إبراهيم الجبين ينطلق من "الحاجة" الإسرائيلية والسورية للتوصل إلى اتفاق سلام، ويقول لـ"النهار" إن نتنياهو "يبحث" في كل مرحلة عما "يطيل" حياته السياسية، وأن التطبيع مع سوريا "سيمنحه هذه الفرصة" وسيفتح له باب التطبيع مع إسرائيل بعد حل مسألة مزارع شبعا الحدودية. ويرى أن الأوساط السياسية والأمنية والقضائية الإسرائيلية تحاول إعطاء نتنياهو الفرص لتقديم الحلول.
أما على الجانب السوري، فإن الشرع "متحمس" أيضاً وفق الجبين. وكان قد أبدى استعداده خلال أكثر من مناسبة لفتح صفحة جديدة بين سوريا وإسرائيل. وبتقدير الكاتب السوري، فإن الشرع يريد اكتساب الدعم الأميركي من خلال هذا التطبيع من جهة، و"التخلص" من عبء حالة العداء مع إسرائيل، خصوصاً في ظل التهديدات بتقسيم سوريا ودعم بعض الاتجاهات الانفصالية.
هضبة الجولان والجغرافيا السورية الجنوبية الواقعة تحت سيطرة إسرائيل ستكونان من النقاط التقنية الإشكالية أمام اتفاق السلام بين تل أبيب ودمشق. فقد أكد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر بقاء الجولان تحت السيادة الإسرائيلية في حال الوصول إلى أي اتفاق، فيما شككت "يديعوت أحرونوت" في موافقة الشرع على عدم انسحاب إسرائيل من المرتفعات الاستراتيجية.
يقارب الجبين هذه النقطة من منظور آخر، ويرى أن المفاهيم "اختلفت"، ومفهوم السيادة ضمناً. فإسرائيل باتت تتمتع بتفوق جوي دون الحاجة للحضور العسكري الميداني، ومن الممكن إيجاد حلول مبتكرة "من خارج الصندوق" لمسألة الجولان، كاعتبارها "حديقة سلام" ومساحة تحت إدارة سورية – إسرائيلية مشتركة. أما بالنسبة للمناطق التي سيطرت عليها إسرائيل حديثاً، فقد أعلنت أنها لن تبقى فيها.
تحدٍّ آخر سيواجه اتفاق التطبيع، وهو قاعدة الشرع العقائدية المتشددة التي ترفض العلاقة مع إسرائيل، خصوصاً بعد حرب غزة ومقتل أكثر من 50 ألف شخص من الطائفة السنّية. لكن الجبين يرى أنه يمتلك شرعية شعبية واسعة تمكنه من اتخاذ هذه القرارات، وقد برهنت التجارب دعم التيارات المتشددة له بسبب الحالة العقائدية.
في المحصلة، فإن الترجيحات تشير إلى أن توسيع نطاق اتفاقات أبراهام سيكون عنوان المرحلة المقبلة، في ظل إصرار أميركي على استكمال الملف وتسجيل "إنجازات" سياسية تسووية جديدة في سجل ترامب. لكن الكرة في ملعب نتنياهو الذي يناور على أكثر من جبهة لتحصيل أكبر قدر من المكتسبات السياسية تخوله البقاء في السياسة، والعين ستكون على دمشق وتل أبيب في المستقبل القريب.
أخبار سوريا الوطن١-النهار