الخميس, 3 يوليو 2025 04:29 AM

تدمر تختنق: أزمة صرف صحي حادة ومبادرات أهلية يائسة لإنقاذ المدينة التاريخية

تدمر تختنق: أزمة صرف صحي حادة ومبادرات أهلية يائسة لإنقاذ المدينة التاريخية

تعيش مدينة تدمر، الواقعة شرقي محافظة حمص، أزمة صرف صحي حادة تفاقمت بسبب الدمار الممنهج الذي لحق بالمدينة خلال سنوات الحرب، وخاصة على يد النظام المخلوع والقوات المتحالفة معه. وقد تسببت هذه الأضرار في مشاكل بيئية وصحية خطيرة تهدد السكان وتعوق عودة النازحين إلى ديارهم.

أفادت مصادر محلية لـ"زمان الوصل" بأن شبكة الصرف الصحي في أجزاء كبيرة من المدينة قد توقفت عن العمل بشكل كامل، نتيجة لتدمير الأنابيب وسرقة أغطية فتحات الصرف وانسداد المجاري بمخلفات البناء والمعادن، وحتى الأدوات المنزلية التي قام النظام بتعفيشها، وذلك في محاولة لمنع استخدامها، حسب تعبير المصدر.

في مواجهة هذا الإهمال، بادرت لجنة تدمر المدنية مؤخرًا بتنفيذ حملة صيانة محدودة لشبكة الصرف الصحي، وذلك بدعم من أهالي المدينة والمغتربين، في ظل غياب تام للدعم الحكومي أو الدولي. تهدف الحملة إلى فتح بعض المجاري المسدودة، واستبدال الأنابيب المتضررة، وإنشاء قناة على الطريق الزراعي لتصريف المياه بعيدًا عن المناطق السكنية.

أوضح زاهر السليم، عضو اللجنة، أن جولة كشف فني أجريت في شهر آذار الماضي كشفت عن مشاكل هيكلية كبيرة في الشبكة، نتيجة للتخريب المتعمد والغارات الجوية السابقة التي تسببت في انهيارات أرضية، خاصة في الشوارع الفرعية. وأضاف أن هذه المبادرات، على الرغم من محدوديتها، كشفت عن انهيارات وتصدعات تهدد بنية الأحياء السكنية، وأن هناك خطة لتجربة "صاروخ" تنظيف يدوي محلي الصنع، وهو عبارة عن مضخة ضغط عالي معدلة، كمحاولة إسعافية للتعامل مع الانسدادات.

من جهته، حذر الدكتور محمد طه، مؤسس ومدير "البيت التدمري"، من التداعيات الخطيرة لاستمرار تدهور أوضاع الصرف الصحي في المدينة، واصفًا الوضع بـ"المأساوي"، حيث تتسرب المياه الملوثة إلى أسفل المنازل المهدمة، مما يهدد بوقوع انهيارات أرضية مستقبلية. وأشار طه إلى أن إعادة تأهيل شبكة الصرف الصحي تتطلب إمكانات ضخمة تتجاوز قدرة المجتمع المحلي، داعيًا إلى تدخل عاجل من الجهات الرسمية والمنظمات الدولية المتخصصة في الإعمار والبنى التحتية، قبل أن تتحول المشكلة إلى كارثة إنسانية وصحية.

تعود جذور هذه الكارثة إلى الأعوام 2014-2015، عندما وقعت المدينة ضحية للتنازع العسكري بين تنظيم الدولة والنظام، مما أدى إلى تهجير واسع، تلاه قصف مكثف ومعارك متكررة، انتهت بدمار كبير طال كل البنى التحتية، بما فيها قنوات الصرف. وتبقى تدمر، برمزيتها التاريخية وثقلها الحضاري، شاهدة على حجم الخراب الذي طال المدن السورية، حيث لا تزال معارك الصيانة تُخاض اليوم بأدوات بدائية ومبادرات فردية، وسط غياب مستمر لمشاريع إعادة الإعمار الحقيقية.

فارس الرفاعي - زمان الوصل

مشاركة المقال: