الجمعة, 4 يوليو 2025 12:19 AM

إزالة تمثال الشهداء في حلب: تطوير عمراني أم دوافع أيديولوجية؟

إزالة تمثال الشهداء في حلب: تطوير عمراني أم دوافع أيديولوجية؟

أثار نقل تمثال "ساحة سعد الله الجابري" في حلب جدلاً واسعاً، ما دفع محافظ حلب، عزام غريب، إلى التعليق والتأكيد على أن ما حدث "غير مقبول"، مع التعهد بمحاسبة المقصرين وفق الأصول.

عبر منصة "إكس"، أعرب غريب عن أسفه للمشاهد التي أظهرت خللاً واضحاً في عملية نقل المجسم، الذي كان يُعرف في عهد النظام السابق باسم "تمثال الشهداء". وأوضح أن جهة غير ملتزمة بالمعايير الفنية والإنشائية نفذت عملية النقل، مؤكداً تحميلها المسؤولية الكاملة وفتح تحقيق فوري.

أشار المحافظ إلى أن قرار نقل المجسم إلى المتحف الوطني في حلب يأتي ضمن خطة تطوير عمراني قدمها مجلس مدينة حلب بالتنسيق مع مديرية الآثار، بهدف إعادة تأهيل ساحة "سعد الله الجابري" وتحويلها إلى فضاء ثقافي مفتوح للفعاليات العامة. وأضاف أن الخطة استجابت لمطالبات بعض السكان بإزالة التمثال، نظراً لارتباطه بمرحلة مؤلمة من تاريخ حلب خلال فترة الثمانينيات.

أكد غريب أنه "لا صحة لما يروج عن خلفيات أيديولوجية وراء القرار"، ووصف نقل التمثال بأنه "خطوة إدارية" تستند إلى معطيات ميدانية وآراء مجتمعية، وليس بدافع سياسي. وتعهد بترميم الأجزاء المتضررة من المجسم وحفظه في المتحف، مع إطلاق مسابقة فنية لاختيار تصميم جديد لعمل نحتي يعبر عن ذاكرة المدينة وتضحيات أبنائها.

تعهد بالمحاسبة

من جهته، أكد مجلس مدينة حلب، عبر بيان نشره في "فيسبوك"، أن قرار نقل "تمثال الشهداء" تزامن مع إطلاق الرؤية البصرية للجمهورية العربية السورية، والتي تعرض على الشاشة الكبيرة في الساحة. وأوضح المجلس أن التمثال كان يعيق الرؤية على الشاشة، ما استدعى نقله بالتنسيق مع مديرية الآثار والمتاحف، في إطار مشروع إعادة تأهيل الساحة وتحويلها إلى مركز للفعاليات الشعبية والثقافية.

أشار البيان إلى تضرر الكتلة الثانية من التمثال خلال عملية الفك، مؤكداً أن العمل جارٍ على ترميم القطعة التالفة وإصلاحها، ومشدداً على أنه "ستتم محاسبة المقصرين وفق الأصول".

أثارت عملية التفكيك موجة انتقادات واسعة وتشكيكاً بالرواية الرسمية، بعد تداول مشاهد مصورة تظهر استخدام معدات بدائية في التفكيك، ما أدى إلى تحطيم أجزاء من التمثال.

أصدرت مديرية الآثار والمتاحف في حلب بياناً أوضحت فيه أنها نقلت "تمثال الشهداء" إلى "مكان آخر حفاظاً عليه وعلى قيمته الفنية"، تمهيداً لترميمه وصيانته من قبل مختصين فنيين، وذلك ضمن خطة إعادة تأهيل الساحة.

بُعد إيديولوجي

لم تبدد التصريحات التساؤلات حول أسباب تنفيذ الإزالة ليلاً وغياب التوثيق الرسمي. وانتقد سكان الطريقة التي جرت بها العملية، معتبرينها طمساً لمعالم تحمل رمزية بصرية ووجدانية في ذاكرة حلب.

انتشر مقطع لرجل مجهول الهوية يقول: "سيزال هذا الصنم حتى لا يعبد إلا الله"، مسلطاً الضوء على بُعد أيديولوجي محتمل يقف خلف بعض المواقف تجاه التماثيل.

رمزية النضال

تمثال "الشهداء"، من أعمال النحات الحلبي عبد الرحمن مؤقت، أُنجز في ثمانينيات القرن الماضي. وتواصلت عنب بلدي مع مدير مديرية الآثار والمتاحف في حلب، منير القسقاس، الذي نفى أن يكون المجسم مخصصاً لتخليد "شهداء مقاومة الاستعمار الفرنسي".

تفيد رواية بأن التمثال أنشئ بتوجيه من الرئيس السابق، حافظ الأسد، لتخليد عناصر من الجيش السوري قتلوا خلال المواجهات مع تنظيم "الإخوان المسلمين" في حلب مطلع ثمانينيات القرن الماضي.

أوضح النحات الحلبي إبراهيم داوود أن النصب أُنجز عام 1984 ليجسد "شهداء الحقبة الاستعمارية الفرنسية قبيل الاستقلال"، كرمزية لنضال شخصيات تاريخية مثل إبراهيم هنانو وسلطان باشا الأطرش. وأشار إلى أن التمثال لا يُعدّ من المنحوتات المصنفة ضمن التراث أو الآثار.

تنفذ شركة "STH" السورية–التركية مشروع إعادة تأهيل ساحة سعد الله الجابري، ويهدف إلى تحديث البنية التحتية وتوسيع الأرصفة وتطوير النافورة المركزية، وإنشاء منصة فعاليات. وسبق أن أُثير الجدل حول المشروع في آذار الماضي.

مشاركة المقال: