الأحد, 20 يوليو 2025 04:49 AM

وهم الاعتماد على الخارج: هل تدرك الأنظمة العربية الإمكانات الذاتية؟

وهم الاعتماد على الخارج: هل تدرك الأنظمة العربية الإمكانات الذاتية؟

بقلم: علي عبود

يبدو أن الأنظمة العربية لم تستفد من دروس الماضي ولا من تجارب من سبقها، إذ لا تزال مقتنعة بأنه لا سبيل للتنمية والازدهار والرفاهية لشعوبها، ولا لاستمرار حكمها "الأبدي" إلا بالاعتماد على الغرب، والانصياع التام للأوامر الأمريكية!

ورغم أن نتائج هذا الرهان على الآمال الكاذبة كانت محبطة للغاية، وأنها تعيش في أوهام لا تمت للواقع بصلة، إلا أنها تصر على هذا الخيار وترفض أي بديل آخر، كالاعتماد على إمكاناتها الذاتية واستثمار طاقاتها الفنية والبشرية. بل إن بعضها يتباهى بتصدير العمالة الماهرة والنادرة إلى الغرب، بدلاً من توظيفها في مشاريع تنموية تعود بالنفع على البلاد والعباد.

من يتابع تحليلات "الليبراليين المتأمركين" يخرج بنتيجة واحدة: لا تنمية ولا ازدهار إلا بالارتهان للغرب! ويستشهد هؤلاء "المتأمركون" بأمثلة عن فشل الأنظمة التي توجهت شرقاً، وكيف تحولت إلى دول فاشلة غارقة في الفساد والكساد والتضخم والديون، متجاهلين الأنظمة العربية التي ارتهنت للخيار الغربي الليبرالي، والتي تعاني أيضاً من مشاكل مماثلة.

باستثناء الأنظمة الثرية جداً، فإن كل الأنظمة العربية، سواء المعتمدة على الغرب أو الشرق، غارقة في الديون والأزمات، وتلهث وراء قروض هزيلة لتأمين الحد الأدنى من احتياجات ملايين المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر. ومع ذلك، يتحدث قادة ومفكرون ومنظرون هذه الأنظمة عن آمال لن تتحقق وأوهام لن يروها تتحقق!

إن مشكلات الأنظمة العربية لا تكمن في خياراتها الغربية أو الشرقية، بل في الاعتماد الكلي على الخارج وإهمال الإمكانات الذاتية، وتحديداً البشرية. ورغم أن باحثين مثل نادر فرجاني تحدثوا منذ تسعينيات القرن الماضي عن "هدر الإمكانية" في الوطن العربي، إلا أن الأنظمة العربية مستمرة في هدر إمكاناتها والارتهان الأعمى إما للغرب أو الشرق، وترفض الاعتراف بأنها تعيش في آمال وأوهام كاذبة!

المسألة ليست في الخيارات، بل في الاستفادة منها باستثمار الإمكانات الكامنة والتوقف عن هدرها. ولو أخذنا التعاون الروسي ـ الصيني أو التعاون الأمريكي ـ الأوروبي كمثال، لاكتشفنا كم هي الأنظمة العربية مقصرة في استثمار خياراتها الكامنة.

تعقد الأنظمة العربية الآمال الكاذبة منذ عقود على استقطاب الاستثمارات الضخمة من الغرب أو الشرق، ومع أنها ترفض الاعتراف بأنها تعيش في الأوهام، فإنها مصرة على عدم إطلاق مشاريع تنموية صغيرة ومتناهية الصغر ومتوسطة قادرة على تأمين احتياجات شعوبها وتحقيق فائض للتصدير يدر على خزائنها مليارات الدولارات سنوياً.

الخلاصة: أثبتت تجارب العقود الماضية أن أمريكا، زعيمة المعسكر الأطلسي "الخيار الغربي"، تحرص على إغراق من يعتمد عليها في التنمية بالديون والأزمات المستعصية، ولا تضخ المليارات إلا إذا قبلوا بتنفيذ سياساتها التي تحقق مصالحها. كما أن المعسكر الشرقي "الخيار الشرقي" لن يضخ مليارا واحداً مجاناً دون مقابل سياسي أو اقتصادي. وبالتالي، بدلاً من أن تعقد الأنظمة العربية الآمال الكاذبة على الشرق والغرب، فلتنتقل من الأوهام إلى الواقع وتستثمر في ثرواتها الكامنة وإمكاناتها المهدورة!

(موقع اخبار سوريا الوطن-١)

مشاركة المقال: