الإثنين, 14 يوليو 2025 07:23 PM

رحيل الأديب والناقد السوري وليد مشوح: إرث أدبي خالد يضيء سماء الثقافة

رحيل الأديب والناقد السوري وليد مشوح: إرث أدبي خالد يضيء سماء الثقافة

دمشق-سانا: فقدت الساحة الأدبية والثقافية قامة إبداعية، برحيل الأديب والناقد السوري وليد مشوح، الذي ترك بصمة واضحة في مجالات الشعر والنقد والعمل الثقافي. رحل مشوح بجسده، لكن إرثه الأدبي الغني وتجربته الإنسانية العميقة سيبقيان محفورين في ذاكرة الأدب.

عرف الراحل بقلمه الصادق وصوته الحر، معبراً عن آمال وآلام الإنسان، ومساهماً في إثراء المشهد الثقافي السوري والعربي على مدى عقود. كلماته ستبقى شاهدة على مسيرة إبداع لا تنتهي وأثر خالد في ذاكرة الأدب.

النشأة والتعليم

ولد وليد مشوح في مدينة دير الزور عام 1944. حصل على البكالوريوس من الجامعة المستنصرية في بغداد، ثم نال الماجستير والدكتوراه في الأدب العربي من جامعة دمشق. عمل في الصحافة والثقافة، وتولى مسؤوليات عدة منها رئاسة تحرير صحيفة الأسبوع الأدبي ومجلة الموقف الأدبي.

أعماله الإبداعية

تميز عطاء وليد مشوح الشعري بتنوعه. صدرت له دواوين بارزة منها "الظلال الأربعة للوجه الواحد"، و"تمتمات إلى سيدة الحزن والفرح"، و"أعيش كما تشتهون أموت كما أشتهي"، بالإضافة إلى كتابة شعر الأطفال، حيث نال جائزة شعر الأطفال من مؤسسة أنجال هزاع بن زايد عن مجموعته "فتية الشمس".

في مجال النقد، حصل على جائزة الإبداع في نقد الشعر من مؤسسة البابطين الثقافية عن كتابه "الموت في الشعر العربي السوري المعاصر". كما ترك بصمة مميزة في تحرير ونشر العديد من الدراسات والمؤلفات النقدية والتحقيقية. من مؤلفاته في مجال الدراسات النقدية "الشاعر المضيّع أبو الفضل الوليد"، و"الصورة الشعرية عند عبد الله البردوني".

كان وليد مشوح عضواً فاعلاً في الحياة الثقافية السورية، وشغل عضوية المجلس المركزي لاتحاد الكتاب العرب، وفي جمعية الشعر واتحاد الصحفيين العرب، إلى جانب مشاركاته الواسعة في الإعلام الثقافي.

تجربته الأدبية

تراوحت كتابات وليد مشوح بين الشعر الكلاسيكي والشعر المنبري، موجهاً رسائله إلى عموم الناس، بأسلوب يجمع بين الحداثة والالتزام الوجداني نحو الوطن والإنسان، مع اهتمام عميق بمسألة الموت.

الشاعر عبد الناصر حداد، رئيس فرع اتحاد الكتاب العرب في دير الزور، نعى مشوح، قائلاً: "انكسر قلم من أقلام الزمان وجف فرع من فروع الفرات". ووصفه بأنه كان شاعراً أرق من نسمات بردى والفرات، وناقداً بصيراً وأكاديمياً أثرى الأجيال بعلمه وأدبه، وإدارياً نذر جهده لخدمة الكلمة والكتاب والأدباء.

وأضاف حداد: "غادرنا صاحب 'أعيش كما تشتهون أموت كما أشتهي' الذي أبدع في الشعر والنقد وتحقيق التراث والمخطوطات، ووصلت إشراقاته من الشعر والتأليف إلى إدارة النشاط الثقافي، وفي التدريس والجامعات، فظلَّ منارةً يهتدى بها عبر مؤلفاته التي تزين المكتبة العربية وأصبحت تراثاً خالداً".

واختتم حداد حديثه بالقول: "رحل الجسد.. رحل كما يشتهي.. لكن كلماته ستظل نبراساً في سماء الثقافة العربية".

قصيدة في رثاء الراحل

رثى الشاعر حداد وليد مشوح بقصيدة من شعر التفعيلة، مليئة بالعاطفة والشجن، استقى عناصرها من بيئة الفرات، ونسجها على تفعيلات من بحور الطويل والكامل والبسيط والوافر، وختمها بأن الأمل باق، وبأن سوريا الولادة ستظل تنجب المبدعين أمثال وليد.

جاء فيها: "مضيتَ كماء الفرات إلى البحر تاركاً خلفك سد العطش ودرب القوافي وكل كلمة تزرعها.. تُنبِتُ شجرة من ماء في جفاف المكان روحك المخطوطة في كتب الأبد تلقي أناشيدها في مدارج الزمان وكلما مر الفرات على اسمك يحمل أوراقاً جديدة لوليد يتجدد"

مشاركة المقال: