الثلاثاء, 15 يوليو 2025 06:00 PM

مفاوضات غزة: تعديلات إسرائيلية على خرائط الانسحاب وسط جهود مكثفة لإنقاذ الاتفاق

مفاوضات غزة: تعديلات إسرائيلية على خرائط الانسحاب وسط جهود مكثفة لإنقاذ الاتفاق

تحت ضغط الوسطاء، يقوم العدو بتعديل خرائط الانسحاب، بينما ترفض المقاومة أي التفاف على جوهر الاتفاق، مؤكدة رفضها لتكريس الاحتلال بغطاء تفاوضي.

بعد فترة من الجمود خيمت على مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة خلال اليومين الماضيين، استؤنفت المفاوضات بتقديم الوفد الإسرائيلي خرائط محدثة لانسحاب قوات الاحتلال من القطاع، والذي من المفترض أن يتم خلال الهدنة المؤقتة.

تزامنًا مع هذا التطور، وصل رئيس «المخابرات العامة» المصرية، اللواء حسن رشاد، إلى الدوحة في إطار الجهود المستمرة من الوسطاء لإنقاذ المفاوضات من الانهيار، بعد دخولها مرحلة بالغة الحساسية. ووفقًا لمصادر مطلعة تحدثت إلى «الأخبار»، عقد رشاد سلسلة لقاءات مكثفة مع مسؤولين قطريين، وعلى رأسهم وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن، بالإضافة إلى اجتماعات مباشرة مع الوفدين الفلسطيني والإسرائيلي.

تشير المعلومات إلى أن الجهود الحالية تهدف ليس فقط إلى تقريب وجهات النظر، بل أيضًا إلى صياغة نص اتفاق نهائي يمكن الإعلان عنه في غضون أيام، بشرط تجاوب الجانب الإسرائيلي معه، خاصة فيما يتعلق بخريطة الانسحاب.

من الجانب الإسرائيلي، أكد مسؤولان لموقع «i24» أن مباحثات مكثفة تجري حاليًا مع فرق الوساطة القطرية والمصرية في الدوحة، تتناول «تفاصيل خرائط انسحاب الجيش الإسرائيلي أثناء الهدنة». ووفقًا لما نقله موقع «أكسيوس»، فإن «إسرائيل قدمت خريطتها الثالثة حتى الآن، وتشير إلى تقليص إضافي لوجودها في مدينة رفح». وبحسب الخرائط الجديدة، ستبقى القوات الإسرائيلية في شريط لا يتجاوز عرضه كيلومترين شمال محور «فيلادلفيا»، بعد أن كانت خطتها الأولية تنص على وجود يمتد حتى خمسة كيلومترات شمال المحور الحدودي.

في موازاة ذلك، تواصل واشنطن تحركها عبر قنوات الاتصال المباشرة مع الأطراف كافة، في إطار سعيها للتسريع في إنجاز الاتفاق، رغم أن زيارة مبعوثها الخاص، ستيف ويتكوف، تأجلت أكثر من مرة. ووفق مصادر دبلوماسية، فإن سبب التأجيل يعود إلى «رغبة إدارة ترمب في أن تتزامن الزيارة مع إعلان الاتفاق، حتى تكون حاملة لطابع تنفيذي لا استكشافي فقط».

في هذا السياق، كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، نقلًا عن مصادر أميركية، أن «نتنياهو نجح في إقناع ترمب بمنحه أسبوعًا إضافيًا لاستكمال الصفقة»؛ ورغم أن الرئيس الأميركي عبّر عن «ضجره من استمرار الحرب»، لكنه منح الجانب الإسرائيلي مهلة جديدة. وأمس، عاد ترامب إلى القول إنه يعتقد أن «شيئًا ما» سيحدث بشأن غزة قريبًا، معربًا عن أمله في التوصل إلى اتفاق، ومؤكدًا أن المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط «قد يحقق تقدمًا ملموسًا في وقت قريب».

أما فلسطينيًا، فلا يزال وفد حركة «حماس» التفاوضي، برئاسة خليل الحية، متمركزًا في الدوحة، حيث يجري مشاورات داخلية موازية للاتصالات التي ينسقها كل من المصريين والقطريين مع الجانبين الإسرائيلي والأميركي. ووفق مصادر فلسطينية، فإن العقبة الجوهرية تتمثل في «رفض الحركة لخرائط الانسحاب الإسرائيلية المقدمة، سواء في ما يتعلق بالمرحلة المؤقتة من الهدنة أو بما بعدها من ترتيبات»، فيما تصر إسرائيل على خطة «انسحاب تدريجي»، وإعادة تموضع تسمح لقواتها بالبقاء في مناطق واسعة داخل غزة، وهو ما تعتبره «حماس» محاولة للالتفاف على جوهر الاتفاق، وتهديدًا مباشرًا لأمن سكان القطاع، وتكريسًا لواقع احتلالي جديد.

في ظل تعثر المفاوضات عند هذه النقطة، وتصاعد انتقادات عائلات الأسرى الإسرائيليين لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على خلفية ذلك، واصل الأخير محاولاته الدفاع عن سياساته أمام الداخل، مؤكدًا أنه لم يتجاهل التهديدات السابقة من «حماس»، وأنه وافق على خيار صفقة التبادل، فقط في حال كانت «جيدة»، مضيفًا أن حكم غزة يجب أن يكون بيد «جهات لا تسعى إلى تدمير إسرائيل». لكن هذه التصريحات تفهم في تل أبيب، على أنها نوع من «التمهيد الداخلي»، باعتبارها موجهة إلى الجمهور الإسرائيلي أكثر من كونها مواقف تفاوضية حقيقية.

تفيد التقديرات الدبلوماسية، في هذا الإطار، بأن «التصريحات الإسرائيلية لا ينبغي أن تؤخذ بجدية كاملة، في ظل الإشارات الإيجابية الآتية من واشنطن، والتي تؤكد أن الاتفاق لا يزال ممكنًا». وفي سياق متصل، أفادت مراسلة «القناة 13» العبرية بأن وزيرًا بارزًا حضر جلسة ترأسها نتنياهو، أمس، عبّر عن انطباعه أن رئيس الوزراء «اتخذ قراره، ويتجه نحو الصفقة في الأيام المقبلة». كما نقلت «القناة 12» العبرية عن مصادر داخل الائتلاف الحاكم أن «نتنياهو بات على بعد خطوة واحدة من قبول صفقة التبادل»، وسط توقعات بلقاء مرتقب مع وزيرَي «قوة يهودية» و«الصهيونية الدينية»، إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، لإقناعهما بأن «استمرار القتال سيبقى خيارًا في حال لم تستسلم حماس».

مشاركة المقال: