الأربعاء, 16 يوليو 2025 03:32 AM

حلب تسعى للقضاء على التسول وتأهيل الفئات المهمشة: مبادرات لدعم المكفوفين والمعتقلين السابقين

حلب تسعى للقضاء على التسول وتأهيل الفئات المهمشة: مبادرات لدعم المكفوفين والمعتقلين السابقين

في حلب، يظل مشهد الأطفال المتسولين عند الإشارات المرورية حاضرًا، لكن هناك فئات أخرى تعاني من التهميش، مثل المكفوفين من مختلف الأعمار الذين يفتقرون إلى برامج رعاية فعالة. هذه القضايا، بالإضافة إلى ازدياد التسول وملف المعتقلين المفرج عنهم، كانت محاور رئيسية في لقاء جمع وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، هند قبوات، مع ممثلي منظمات المجتمع المدني والجمعيات الإغاثية في حلب، يوم الاثنين 14 تموز 2025.

يأتي هذا اللقاء في ظل تزايد شكاوى السكان والمنظمات المحلية من ضعف الاستجابة الحكومية للملفات الاجتماعية الحساسة، مع المطالبة بوضع خطط واضحة لمعالجة هذه المشكلات.

دعم المعتقلين: خطوات نحو المعالجة

ردًا على سؤال من عنب بلدي حول وضع المعتقلين السابقين في سجون الأسد وإمكانية توفير برامج تأهيل نفسي واجتماعي لهم، أوضحت هند قبوات أن العمل جارٍ لتأسيس إدارة خاصة تعنى بملف المعتقلين وأسرهم. وأكدت أن الدعم لا يقتصر على الجانب الحقوقي، بل يشمل تقديم خدمات مباشرة لمساعدتهم على الاندماج في المجتمع، مثل دعم تعليم الأبناء وتوفير مصاريف النقل، والعمل تدريجيًا على توفير برامج دعم متكاملة.

وشددت على أن ملف المعتقلين "من أهم الملفات المطروحة اليوم"، مشيرة إلى أن الحكومة بدأت تحقيقات بشأن الأطفال الذين اعتقلوا أو فقدوا خلال السنوات السابقة، خاصة قبل تغيير النظام، حيث سجلت حالات اختفاء لأطفال داخل المياتم وأماكن الإيواء. ويجري العمل على هذا الملف بالتنسيق بين وزارات العدل والداخلية والأوقاف والشؤون الاجتماعية، للوصول إلى معلومات دقيقة حول مصير الأطفال المعتقلين وسبل دعم ذويهم.

توسيع المشاركة

خلال اللقاء، طالب ممثلو الجمعيات بتوسيع دور العمل الأهلي إلى "مجموعات عمل تخصصية" تعمل تحت إشراف موحد لضمان التنسيق وتفادي تداخل الصلاحيات. كما أكدوا على ضرورة أن تراعي خطط إعادة الإعمار احتياجات ذوي الاحتياجات الخاصة، من خلال تهيئة المرافق العامة والمعالم الأثرية والشوارع لتكون قابلة للوصول، معتبرين أن هذه الخطوة أصبحت معيارًا عالميًا.

وأشارت هند قبوات إلى أن الوزارة بدأت بالفعل بتطبيق آلية "مجموعات العمل" في دمشق، حيث تجتمع المنظمات كل أسبوعين للعمل على الأهداف نفسها، وطلبت من مديرية الشؤون الاجتماعية في حلب تبني الآلية ذاتها لتنسيق جهود المنظمات المحلية.

مطالبات بإنصاف المكفوفين

رئيس جمعية رعاية المكفوفين، محمود زمرلي، عرض هموم هذه الشريحة، مشيرًا إلى أن آلاف المكفوفين في سوريا، بينهم مئات من أصحاب الشهادات الجامعية، يواجهون صعوبات في إيجاد فرص العمل والاندماج. وطالب زمرلي بعقد "نقاش خاص" يركز على شؤون المكفوفين وإصدار قوانين تضمن حقوقهم.

وردت هند قبوات بأن الوزارة ستعقد في أيلول المقبل مؤتمرًا مخصصًا لبحث قضايا ذوي الإعاقة، وكانت قد نظمت مؤتمرًا لتأمين فرص عمل لهم. وأكدت وجود مساعٍ لتعديل القانون الحالي الذي يحدد نسبة توظيف هذه الشريحة في القطاع الحكومي بـ 2%، وتسعى "الشؤون الاجتماعية" لرفعها إلى 5% في القطاع الحكومي و4% في القطاع الخاص.

خلافات حول التراخيص

أبدى بعض ممثلي الجمعيات استياءهم من "تعقيدات العمل الإداري"، خاصة فيما يتعلق بالحصول على التراخيص اللازمة لتنفيذ الدورات أو برامج التعليم غير النظامي. وأشاروا إلى أن بعض جمعيات التنمية والإسكان واجهت شروطًا إضافية عند محاولة القيام بأنشطة تعليمية أو مشاريع إعادة إعمار، حيث طُلب منها الحصول على موافقات من وزارة التربية أو دفع رسوم تصنيفية.

وأوضحت هند قبوات أن "إعادة الإعمار ليست من اختصاص منظمات المجتمع المدني" حسب التصنيف الحالي، وأن الجمعيات المعنية بالتعليم أو التمكين يمكنها ترميم المقرات أو فتح معاهد تدريبية، لكنها ليست مخولة بتنفيذ مشاريع إعمار واسعة. وأقرت بوجود صعوبات بسبب القوانين القديمة التي تنظم عمل الجمعيات، وتسعى الوزارة لأتمتة الإجراءات، لكنها بحاجة إلى وقت لاستكمال هذه الخطوات.

التسول.. ظاهرة متفاقمة

ناقش الحضور اتساع ظاهرة التسول في حلب، والتي لم تعد تقتصر على الأطفال، بل تشمل اليافعين وكبار السن، وسط غياب حلول جذرية. وأكد ممثلو المجتمع المدني أن الحل يتطلب توفير مراكز إيواء مناسبة تقدم الرعاية والدعم النفسي والاجتماعي لمن يتم انتشالهم من الشوارع. والمطالبة بإنشاء هذه المراكز "مستمرة منذ سنوات".

تتطلب معالجة التسول تفعيل دور الضابطة العدلية بشكل أكبر، خاصة مع إطلاق مكتب لمكافحة التسول، معتبرين أن المكتب لن يكون فعالًا إلا بتضافر الجهود مع المجتمع المحلي.

الشعلة.. خطر آخر

تطرق النقاش إلى انتشار مادة "شم الشعلة" بين الأطفال المتسولين، وتفشي التدخين المبكر في أوساطهم. وطالب المداخلون بتدخل الضابطة الأمنية وتفعيل الرقابة على بيع هذه المواد، بالتوازي مع حملات التوعية.

وأوضحت هند قبوات أن العمل جارٍ على تشكيل لجنة مشتركة للتحضير لمراكز إيواء مخصصة للأطفال والنساء المتسولين، مع تقديم برامج تأهيلية تمكنهم من العودة إلى الحياة الطبيعية. ودعت منظمات المجتمع المدني في حلب للمشاركة الفاعلة في هذا الملف، مشددة على استعداد الوزارة لتقديم التسهيلات المطلوبة. وبحسب التصور الحكومي، سيتم إيواء الأطفال المتسولين دون سن 18 عامًا في مراكز تحفظ كرامتهم وتوفر لهم تعليمًا مهنيًا أوليًا. وترى الوزيرة أن التسول يتفاقم في فترات ما بعد الحروب، ما يجعل معالجتها أولوية، والهدف هو الوصول إلى مرحلة "لا يكون فيها أي متسول في الشوارع".

أكثر من ثلاثة آلاف مكفوف يبحثون عن أنفسهم في إدلب
مشاركة المقال: