أعلن وزير الطوارئ وإدارة الكوارث، رائد الصالح، عن انتهاء عمليات إخماد الحرائق التي نشبت مؤخرًا في جبال محافظة اللاذقية. وأكد أن هذا الإنجاز تحقق بفضل التكافل الوطني والشعبي الواسع، والتعاون الميداني المشترك بين مؤسسات الدولة والفرق التطوعية والدولية.
وخلال مؤتمر صحفي مشترك مع محافظ اللاذقية، محمد عثمان، أوضح الصالح أن فرق الإطفاء واجهت تحديات ميدانية كبيرة، من أبرزها الألغام ومخلفات الحرب، بالإضافة إلى الرياح القوية المتقلبة ووعورة التضاريس وغياب خطوط الفصل الناري بسبب الإهمال الطويل للغابات. وحذر من أن الكارثة الحقيقية لا تكمن فقط في الخسائر المادية، بل في تداعياتها المستقبلية، مثل خطر الانجراف وفقدان التربة والغطاء النباتي، في ظل موجة جفاف وتغير مناخي هي الأسوأ منذ عقود.
وأشار الصالح إلى أن الوزارة اعتمدت على مركز الإنذار المبكر للعوامل الجوية الذي رصد بشكل دوري سرعات الرياح واتجاهاتها في مواقع الحريق، مما أدى إلى إعداد استراتيجيات تدخل دقيقة من غرفة العمليات. كما تم استخدام صور الأقمار الصناعية وطائرات "الدرون" الحرارية والعادية لتحديد بؤر النيران، مما ساهم بشكل مباشر في تسريع السيطرة على الحرائق.
ولفت الصالح إلى أن الوزارة ستبدأ قريبًا بتركيب نظام إنذار مبكر للحرائق ضمن خطة متكاملة، تشمل إنشاء منظومة وطنية لحماية الغابات وتعزيز مشاركة المجتمعات المحلية، مشددًا على أن "النار انتهت، لكن المهمة لم تنته، ومن اليوم تبدأ مهمتنا الحقيقية لإعادة الحياة إلى هذه الجبال".
وتوجه وزير الطوارئ وإدارة الكوارث بالشكر إلى الفرق القادمة من تركيا والأردن والعراق ولبنان وقطر، وإلى جميع الفرق التطوعية التي كان لها دور مهم في الدعم اللوجستي، ووزارات الدولة ومؤسساتها التي عملت بتناغم ومسؤولية، وقال: "أنتم جميعًا صنعتم ملحمة إنسانية ستظل خالدة في ذاكرة هذا الوطن، وكنتم صورة مشرقة للتضامن والتكافل".
من جانبه، أشار محافظ اللاذقية، محمد عثمان، إلى أن التنسيق الكامل بين فرق الإطفاء والدفاع المدني من مختلف المحافظات السورية، إلى جانب الدعم من الدول الشقيقة، ساهم في السيطرة على النيران. وأوضح أن المحافظة عملت خلال 12 يومًا من الحريق على تأمين جميع الاحتياجات الميدانية والإنسانية، بما في ذلك إنشاء مطبخ ميداني قدم أكثر من 2500 وجبة يوميًا، وتأمين معدات الإطفاء بالتعاون مع وزارتي الداخلية والدفاع.
وأوضح عثمان أن الحرائق دمرت أكثر من 16 ألف هكتار من الغابات الحراجية، منها 2200 هكتار من الأراضي الزراعية، وتضررت 45 قرية، فيما بلغ عدد العائلات المتضررة نحو 1200 عائلة. وأشار إلى أن وفودًا وزارية زارت المناطق المتضررة، وبدأت بوضع خطة شاملة لتقييم الأضرار وتعويض المتضررين، كما أن المحافظة ستعمل على تنفيذ خطة إعادة التأهيل بالتنسيق مع الوزارات المعنية.