في جلسة طارئة لمجلس الأمن لمناقشة "الاعتداءات الإسرائيلية" في سوريا، حذرت الأمم المتحدة من تصاعد العنف في الجنوب السوري، بينما نددت سوريا بالضربات الإسرائيلية، واعترضت إسرائيل على انعقاد الجلسة.
حذر الأمين العام المساعد للأمم المتحدة لشؤون الشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ، خالد خياري، من أن الانتقال السياسي السلمي الشامل في سوريا معرض للخطر بسبب العنف الطائفي والضربات الجوية الإسرائيلية.
جاء ذلك خلال اجتماع طارئ عقده مجلس الأمن بطلب من سوريا، عقب غارات جوية إسرائيلية على أراضيها، وأيدت الجزائر والصومال عقد الاجتماع.
أشار خياري إلى تطور عمليات الاختطاف المتبادلة في محافظة السويداء، إلى اشتباكات مسلحة بين قبائل بدوية وجماعات مسلحة درزية محلية، ثم تدخلت السلطات السورية بقوات أمنية لوقف الاشتباكات، مما أسفر عن سقوط ضحايا من قوات الأمن والمقاتلين الدروز.
نقل خياري عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن المدنيين المحاصرين يواجهون مخاطر جسيمة، مع نزوح أعداد كبيرة وتقارير عن أضرار لحقت بالبنية التحتية الحيوية. وتعرض المدنيون في السويداء وأريافها لانتهاكات من الفصائل المحلية الدرزية وقوات حكومية وعشائر البدو.
كرر المسؤول الأممي إدانة الأمين العام لجميع أعمال العنف ضد المدنيين، بما في ذلك الأعمال التي تؤجج التوترات الطائفية وتحرم الشعب السوري من فرصة السلام والمصالحة.
ناشد السلطات السورية لضمان شفافية التحقيق في الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها، وحث جميع الأطراف على حماية المدنيين والسماح لهم بالتنقل بحرية بحثًا عن الأمان والمساعدة الطبية، وحماية البنية التحتية.
إدانة للغارات الإسرائيلية
أدان خالد خياري الغارات الجوية الإسرائيلية على السويداء ودرعا ودمشق، معتبراً أنها تقوض الجهود المبذولة لبناء سوريا جديدة وتزيد من زعزعة استقرارها.
شدد على ضرورة التزام إسرائيل وسوريا باتفاق فض الاشتباك لعام 1974 للحفاظ على وقف إطلاق النار والامتناع عن أي عمل يزيد من تقويض استقرار الجولان.
حذر خياري من أن الوضع متقلب، مشيرًا إلى تقارير عن تجدد العنف الذي يستهدف التجمعات البدوية بعد انسحاب قوات الأمن التابعة لدمشق.
سلم أهلي
أكد خالد خياري أنه لا يمكن تحقيق الأمن والاستقرار في سوريا إلا من خلال مصالحة حقيقية وبمشاركة جميع مكونات المجتمع السوري المتنوع.
كرر دعوة مجلس الأمن إلى تنفيذ عملية سياسية شاملة بقيادة وملكية سورية، بتيسير من الأمم المتحدة، تستند إلى القرار "2254".
قال إن هذه العملية السياسية يجب أن تلبي التطلعات المشروعة لجميع السوريين وتمكنهم من تحديد مستقبلهم بسلام واستقلالية وديمقراطية.
إسرائيل تعيق الجهود السورية
قال المندوب الدائم لسوريا لدى الأمم المتحدة، قصي الضحاك، إن الاعتداء الإسرائيلي على سوريا يشكل خرقًا للقانون الدولي وانتهاكًا لسيادة دولة عضو في المنظمة.
أعلن رفض سوريا للذرائع التي تسوقها السلطات الإسرائيلية لتبرير هذه الأفعال، واصفًا هذه الممارسات بأنها امتداد لسياسات الاحتلال الرامية إلى تقويض استقرار سوريا.
نوه الضحاك إلى أن هذه الاعتداءات تهدف إلى عرقلة جهود سوريا في بسط الأمن والاستقرار، مشددًا على ضرورة وقف تلك الاعتداءات وإلزام إسرائيل بسحب قواتها من الأماكن التي توغلت فيها وإنهاء احتلالها للجولان.
أشار إلى أن مؤسسات الدولة بادرت بالاستجابة السريعة للتوترات في السويداء وتدخلت لفض الاشتباك وحماية المدنيين، إلا أن الاعتداءات الإسرائيلية قوضت تلك الجهود.
أكد قصي الضحاك أن سوريا لن تتردد في أداء واجبها تجاه جميع مواطنيها، وستواصل جهودها لبسط سيادة القانون على كامل الجغرافيا الوطنية.
إسرائيل تنتقد عقد الاجتماع
وصف نائب الممثل الدائم لإسرائيل لدى الأمم المتحدة، بريت جوناثان ميلر، عقد الاجتماع الطارئ بأنه خطوة ذات دوافع سياسية لإدانة إسرائيل.
أشار إلى أن الأشهر الستة الماضية شهدت عودة للعنف الموجه ضد الفئات الأكثر ضعفًا في سوريا، وأن اليومين الماضيين شهدا موجة جديدة من العنف ضد مجتمع "الدروز" في جنوبي سوريا.
شدد ميلر على ضرورة أن يتوقف العنف بسرعة وأن تتم محاسبة المسؤولين، قائلاً إن إسرائيل نفذت هذه الضربات الدقيقة لحماية "الدروز".
قال السفير الإسرائيلي إن بلاده لا تسعى إلى إقحام نفسها في السياسة الداخلية السورية، وإن مصالحها محدودة وواضحة ومشروعة، وتسعى إلى الحفاظ على استقرار إقليمي على حدودها الشمالية.
إدانات عربية وغربية
شهدت جلسة مجلس الأمن الدولي الطارئة إدانات عربية ودولية واسعة إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على بعض المدن السورية.
أعربت الدول الأعضاء عن تضامنها مع الشعب السوري ووقوفها إلى جانبه، ودعمها وحدة الأراضي السورية واستقلالها، مؤكدة أن أمن سوريا واستقرارها يمثلان جزءًا لا يتجزأ من منظومة الأمن الدولية.
أكدت الدول أن هذه الانتهاكات تهدد مسار سوريا نحو الاستقرار، وتقوض إعادة الإعمار واللحمة الوطنية، داعيةً إسرائيل إلى الامتناع عن أي أفعال تزعزع استقرار سوريا واحترام سيادتها وسلامتها الإقليمية.
تشهد محافظة السويداء توترًا اندلع بخطف متبادل بين عشائر وفصائل محلية، تطور إلى اشتباكات مسلحة، تدخلت بعدها قوات وزارة الدفاع والداخلية.