السبت, 19 يوليو 2025 08:03 PM

السويداء: فصائل تحتجز مدنيين وتستخدمهم "دروعًا بشرية" وسط مخاوف من تصاعد العنف

السويداء: فصائل تحتجز مدنيين وتستخدمهم "دروعًا بشرية" وسط مخاوف من تصاعد العنف

تحتجز فصائل محلية موالية للرئيس الروحي للطائفة الدرزية، حكمت الهجري، عددًا من الأهالي البدو في محافظة السويداء، جنوبي سوريا. أغلب المحتجزين هم من النساء والأطفال، وسط مخاوف متزايدة من أن تطالهم أعمال انتقامية، وذلك بعد أيام من العنف المتبادل الذي شهدته المنطقة.

أحد السكان البدو، والذي نزح إلى محافظة درعا المجاورة، صرح لعنب بلدي بأن الفصائل المحلية قامت بتجميع سكان من البدو في أحد جوامع المدينة. وأشار إلى أن شقيقته من بين المحتجزين، ولا تستطيع التواصل معها إلا بصعوبة بالغة. المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته خوفًا من انتقام محتمل بحق شقيقته وأفراد عائلته المحتجزين في السويداء، ذكر أنه لا يعلم سبب الاحتجاز، وما إذا كان الهدف هو حمايتهم أو استخدامهم كدروع بشرية.

أظهرت تسجيلات مصورة، تم تداولها من قبل ناشطين، وجود مدنيين من بينهم نساء وأطفال، يتوسطهم مسلح ينتمي إلى فصائل ذات طابع درزي، يهدد بالقتل في حال اقتراب مقاتلي العشائر المهاجمة للمدينة. ولم يتمكن المصدر الذي تحدث إلى عنب بلدي من تحديد العدد الدقيق للمحتجزين، لكنه قدرهم بالعشرات أو المئات. في المقابل، ذكر "تجمع عشائر الجنوب"، وهو من أبرز الجهات المشاركة في الاقتتال، أن عدد المحاصرين من أبناء العشائر في السويداء يبلغ حوالي 4000 شخص، من بينهم أطفال ونساء ومسنون. ولم تتمكن عنب بلدي من التأكد من عدد المحتجزين بدقة من مصادر مستقلة.

دروع بشرية

أكد المدير التنفيذي لـ"المركز السوري للعدالة والمساءلة"، محمد العبدلله، أن احتجاز عائلات تتضمن نساء وأطفال، ثم التهديد بأن مصيرهم سيكون كمصير المهاجمين في حال وصول الهجوم إلى مكان الاحتجاز، يمثل توثيقًا واضحًا لـ"جريمة" اتخاذ مدنيين دروعًا بشرية. وأشار عبر حسابه على "فيسبوك" تعليقًا على عملية الاحتجاز، إلى أن القانون الدولي يحظر بشكل قاطع ومطلق استخدام "الدروع البشرية".

وذكر أنه بحسب قواعد القانون الإنساني الدولي العرفي، فإن استخدام الدروع البشرية محظور أثناء النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، ويترتب عليه المسؤولية الجنائية الفردية. وأضاف العبد الله أن استغلال وجود مدني أو شخص محمي آخر لجعل نقاط أو مناطق أو قوات عسكرية معينة محصنة من العمليات العسكرية يعدّ "جريمة حرب" بموجب المادة "8/ 2 ب" من نظام "روما"، ويمكن اعتباره "جريمة ضد الإنسانية" في النزاعات المسلحة غير الدولية.

وشهدت محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية، اشتباكات وتوترات أمنية عقب حالات خطف متبادلة بين فصائل وعشائر من البدو. وأعقب التوترات دخول عناصر من وزارتي الداخلية والدفاع، كقوات لفض النزاع، إلا أن الفصائل لم تقبل بدخولهم وقابلتهم بهجوم مضاد، نتيجة لحالات انتهاك طالت أبناء المنطقة. كما تدخلت إسرائيل لمساندة الفصائل الموالية للشيخ الهجري، وقصفت نقاطًا للحكومة في السويداء إضافة إلى نقط خارجها، أبرزها مبنى هيئة الأركان في العاصمة دمشق.

وبعد انسحاب القوات الحكومية، تعرض السكان البدو في المنطقة لانتهاكات وصلت إلى حد القتل، من قبل الفصائل المحلية، إضافة إلى حالات الاحتجاز، ما أثار غضبًا في الأوساط العشائرية في سوريا، تجسد بخروج أرتال تقدر بالآلاف لمؤازرة البدو. وأفاد عقل النمر، وهو ثمانيني من المكون البدوي في السويداء، بأن فصائل محلية ارتكبت انتهاكات بحق السكان البدو في المنطقة تمثلت بأعمال قتل طالت مدنيين بينهم أطفال ونساء، إضافة إلى احتجازهم مصحوبًا بعمليات إهانة. وشدد على أن عمليات قتل "شنيعة" طالت السكان إضافة إلى مقيمين من محافظات شمال شرقي سوريا، بغرض العمل والزراعة. وأضاف النمر: "نحن لم نعتد على أحد وكنا مسالمين في بيوتنا"، مشيرًا إلى أن البدو عاشوا إلى جانب السكان الدروز لمئات السنين في حالة من التعايش المشترك.

مساعٍ للحل

تحاول الأطراف الحكومية إيجاد حل للأوضاع المتوترة في السويداء، بعد عقد مفاوضات مع جهات داخل المحافظة بوساطة ورعاية دولية. وأعلن كل من الجهات العشائرية والرئاسة الروحية، الامتثال لوقف إطلاق النار، تمهيدًا لدخول جهاز الأمن الداخلي إلى قرى في السويداء، لمنع الاشتباكات. من جانبها، تعهدت الرئاسة الروحية للطائفة الدرزية، والتي يرأسها الهجري، بتأمين خروج آمن للبدو إلى خارج السويداء، عبر معبرين إلى بصرى الحرير وبصرى الشام، في محافظة درعا.

وتشير الأرقام الصادرة عن "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" إلى تجاوز عدد القتلى والضحايا 300 شخص، ما بين مدنيين وعسكريين من كلا الطرفين، كحصيلة أولية، وسط توقعات بارتفاع الأرقام في الأيام المقبلة.

الشرع يوقف إطلاق النار.. يتبرأ من الانتهاكات ويتعهد بالمحاسبة
مشاركة المقال: