تشهد مدينة تل عرن في ريف حلب الشرقي عودة تدريجية للحياة، إلا أن الواقع الخدمي والاقتصادي لا يزال دون المستوى المطلوب. يعاني الأهالي من فوضى تنظيمية ونقص في البنية التحتية، بالإضافة إلى تحديات زراعية وتعليمية تهدد استقرارهم المعيشي.
غياب التنظيم
يصف المواطن عباس كزة، أحد أبناء تل عرن، الوضع الحالي بالفوضوي، قائلاً لمنصة سوريا 24: "الرقابة غائبة، وتغيب معها أبسط ملامح التنظيم. الطرقات مدمرة، والسيارات تصطف بشكل عشوائي، وكل مواطن يتصرف وكأنه صاحب سلطة في الحي أو الشارع." ويضيف: "لا توجد شرطة مرور ولا سلطة بلدية فاعلة، والأسواق متشابكة بلا أي تخطيط. على سبيل المثال، تتجاور محال اللحامين مع الصيدليات ومحلات الأدوات الكهربائية، مما يخلق فوضى عمرانية وتجارية يصعب التحكم بها."
مطالب بتوسعة سوق الهال
من أبرز مطالب الأهالي المتكررة توسيع سوق الهال، الذي لم يعد قادراً على استيعاب النشاط الزراعي والتجاري المتزايد في المنطقة. السوق الحالي ضيق وغير منظم، ويشكل نقطة اختناق لحركة البيع والشراء، مما يضر بالمزارعين والباعة على حد سواء. ويشير كزة إلى أن الواقع الخدمي سيئ أيضاً، فالقمامة متراكمة في الشوارع منذ شهور دون جمع منتظم، والطرقات محفرة وغير مؤهلة للحركة، والكهرباء شبه معدومة. ويضيف أن البلدية غائبة عن المشهد، ولا توجد أي مشاريع ترميم أو صيانة في الأفق. شبكات الكهرباء قديمة ومتهالكة، والأعطال فيها متكررة، بينما يعاني الصرف الصحي من مشاكل متفاقمة تتطلب استبدالاً شبه كامل للشبكة.
معاناة مضاعفة للمزارعين
يواجه القطاع الزراعي معاناة مضاعفة. يؤكد كزة أن المزارعين لا يتلقون أي دعم إرشادي أو زيارات من مديرية الزراعة، ويُتركون لمصيرهم في مواجهة ارتفاع التكاليف، وغياب مياه الري، وندرة المازوت. ويوضح أن موسم الري هذا العام تأخر كثيراً، مما أدى إلى خسائر فادحة، حيث لم يتمكن أغلب الفلاحين من ري محاصيلهم في الوقت المناسب. تكبد كزة نفسه أكثر من 37 مليون ليرة سورية لشراء الفلين اللازم لتعبئة الإنتاج، في ظل غياب الدعم أو أي تعويض من الدولة. ويضيف أن أسعار البذور تضاعفت بشكل غير مسبوق، حيث وصل سعر كيلو بذار الخيار والكوسا إلى نحو 50 دولاراً، بينما بقيت الأسمدة والأدوية الزراعية خارج أي منظومة دعم. ويشير إلى أن زراعة عباد الشمس اختفت من المنطقة، بعد أن أرهقت التربة وتسببت في انتشار العفن والأمراض، في ظل غياب أي رقابة صحية أو متابعة زراعية. أما القمح والقطن، فيبدو أنهما المحصولان الوحيدان اللذان يحافظان على الحد الأدنى من الجدوى الاقتصادية. غير أن المشكلة تكمن في التأخير المستمر لصرف مستحقات المزارعين. يوضح كزة أن معظم الفلاحين سلموا إنتاجهم منذ أكثر من عشرين يومًا، ولم يتلقوا أي دفعات مالية حتى اللحظة، مما يضطرهم إلى الاستدانة لاستكمال موسم الزراعة أو سد احتياجات أسرهم.
التعليم متدهور
الوضع التعليمي لا يقل تدهورًا، فالمدارس غير مفعلة، والمدرّسون يتغيبون بسبب ضعف الرواتب وغياب وسائل النقل، بينما يضطر الأهل لتحمل أعباء إضافية من أجل استمرار تعليم أولادهم. بحسب شهادة كزة، فإن معظم العملية التعليمية تعتمد حاليًا على تبرعات ومساهمات الأهالي، دون أي تدخل من الدولة، ما يجعل التعليم في المدينة على حافة الانهيار.
مطالب بتفعيل الوحدة الشرطية لضبط الأمن
رغم أن المدينة لم تشهد اضطرابات أمنية بعد التحرير، إلا أن الأهالي يطالبون بضرورة تفعيل مركز الأمن الداخلي والناحية، لما لذلك من أثر رادع في الحد من المخالفات وفرض هيبة القانون. وجود العناصر الشرطية، حتى ولو شكلياً، يمكن أن يعزز الاستقرار ويحد من الفوضى، خصوصًا في الأسواق والمرافق العامة. كما يبرز مطلب تفعيل سجل النفوس، الذي غيابه يدفع المواطنين إلى التنقل خارج المدينة لإتمام أبسط المعاملات الرسمية، في ظروف معيشية صعبة ونقص كبير في وسائل النقل.
المجلس المحلي يبحث عن حلول
أكد رئيس مجلس مدينة تل عرن، إسماعيل حسين حسين، أن عدد سكان المدينة يقدر بحوالي 35 ألف نسمة، لكن نسبة العائدين لا تتجاوز 3%، وأن نسبة الدمار وصلت إلى أكثر من 10% من المنازل والممتلكات، بينما يعاني سوق العمل من ركود حاد، وتكاد الخدمات العامة تكون غائبة. ويقول لمنصة سوريا 24 إن "المياه متوفرة ليومين فقط في الأسبوع، ولا تغطي جميع الأحياء، والطرقات في حالة مزرية، رغم بعض المبادرات المحدودة التي أطلقها المغتربون".