السبت, 26 يوليو 2025 10:04 AM

منتدى الاستثمار السعودي السوري: شراكة اقتصادية بمليارات الريالات تدعم استقرار سوريا

منتدى الاستثمار السعودي السوري: شراكة اقتصادية بمليارات الريالات تدعم استقرار سوريا

أكد الصحفي السعودي ماجد المالكي أن منتدى الاستثمار السوري السعودي الذي عقد في دمشق يمثل نقطة تحول في العلاقات بين البلدين، متجاوزًا البروتوكولات إلى شراكة اقتصادية ومصالح متبادلة. وأشار في حديث لمنصة سوريا 24 إلى أن حجم الوفود، وجدية الطرح، والمستوى الرفيع للمشاركين، يؤكد بدء التنفيذ الفعلي، مع انعكاسات متعددة تشمل تحفيز الأسواق وجذب الاستثمارات، وترسيخ علاقات تكامل وشراكة.

ووصف أسامة القاضي، المستشار الاقتصادي الأول لوزير الاقتصاد السوري، المنتدى بأنه "معجزة اقتصادية"، مؤكدًا أن السعودية تصنع التاريخ الاقتصادي لسوريا الجديدة، وتعتبر الداعم الاقتصادي والأمني الأكبر للشعب السوري. وأضاف القاضي في حديثه لمنصة سوريا 24 أن هذا الحدث يمثل حجر أساس لبناء الثقة أمام المستثمرين الإقليميين والدوليين، وأن وجود المملكة ومستثمريها في سوريا يخلق مناخًا من الاطمئنان الاقتصادي. كما رأى أن المساحات المدمرة في سوريا تمثل فرصة للمطورين العقاريين لإعادة بناء سوريا الحديثة بمعايير عمرانية وبيئية متطورة، خاصة وأن نصف المباني السكنية كانت عشوائية قبل الحرب. وأكد أن التوقيت يحمل رسالة سياسية واضحة بأن سوريا تتجه نحو الاستقرار والانفتاح، وأن محاولات التهويل بـ«قانون قيصر» لم تعد منطقية، مشيرًا إلى قدرة السعودية على تحييد أي تبعات لعقوبات سابقة، وأن ما جرى يمثل رسالة قوية بقدرة سوريا على النهوض مجددًا.

وشهد قصر الشعب انطلاق أول منتدى استثماري مشترك بين البلدين، بحضور الرئيس أحمد الشرع، ووزير الاستثمار السعودي خالد بن عبد العزيز الفالح، ووفد سعودي رفيع يضم أكثر من 120 رجل أعمال يمثلون أكثر من 100 شركة و20 جهة حكومية. وأكد الفالح في كلمته الافتتاحية أن المنتدى يمثل بداية فعلية لشراكة تنموية شاملة، مشيرًا إلى توجيه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بتأسيس مجلس أعمال سعودي – سوري بعضوية كبار رجال الأعمال، ليكون منصة للتبادل التجاري والاستثماري. وأعلن الوزير السعودي عن توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم بقيمة تقارب 24 مليار ريال سعودي، تشمل قطاعات إستراتيجية مثل الإسمنت، الاتصالات، التكنولوجيا، البنية التحتية، والقطاع السكني. كما ستوقع مجموعة التداول السعودية اتفاقية شراكة مع سوق دمشق للأوراق المالية، وسيتم توقيع اتفاقيات لتأسيس 3 مصانع جديدة للإسمنت بقيمة تتجاوز 11 مليار ريال. وأشار الفالح إلى إطلاق شركة “بيت الإباء” السعودية – المملوكة لعائلة سورية – مشروعًا سكنيًا في مدينة حمص، ستُخصص عائداته لدعم التكافل الاجتماعي، بالإضافة إلى دور أكثر من 2600 رائد أعمال سوري في السوق السعودي في بناء اقتصاد سوري متجدد. وأعلن عن نية مجموعة التداول السعودية توقيع اتفاقية شراكة مع سوق دمشق للأوراق المالية، وتوجه المملكة لتطوير مشاريع مشتركة في المجال الزراعي، مع فتح المجال للمستثمرين السوريين لزيارة السعودية وتلقي الدعم الكامل.

وأكد الفالح على الدور الكبير الذي يلعبه أكثر من 2600 رائد أعمال سوري في السوق السعودي، وأنهم سيكونون جزءًا فاعلًا في مستقبل الاقتصاد السوري. وذكر رئيس مجلس الأعمال السعودي السوري محمد بن عبد الله أن توجيه ولي العهد لرجال الأعمال السعوديين في العلاقة مع دمشق يكمن في أن سوريا هي المملكة العربية السعودية، وأن التشككات بشأن سوريا لا تعني شيئًا بالنسبة للسعوديين، وأن الاستثمارات المطروحة مجرد حزمة بسيطة في القادم، وأن المملكة ستقود تحالفات كبيرة مع الدول الأخرى للاستثمار في سوريا. ورحب وزير الاقتصاد والصناعة السوري نضال الشعار بوفد المملكة العربية السعودية، مشيرًا إلى أن الزيارة تأتي في وقت بالغ الأهمية بالنسبة لسوريا، وتعكس روح التعاون العربي الحقيقي، وتفتح المجال أمام مرحلة جديدة من الشراكة بين دمشق والرياض. وأضاف أن الحكومة السورية تنظر بتفاؤل كبير إلى ما تحمله هذه المرحلة من تفاهمات ثنائية، وتُعرب عن التزامها الكامل بدعم هذا المسار، وتقديم كل التسهيلات الممكنة لإنجاحه.

وأعلن المستشار تركي آل الشيخ، رئيس هيئة الترفيه السعودية، عن سلسلة استثمارات إستراتيجية في سوريا، منها مشروع مدينة ثقافية بقيمة 300 مليون دولار، ومدينة طبية متكاملة في ضاحية قدسيا بتكلفة 900 مليون دولار، ومدينة ترفيهية كبرى في منطقة العدوي بـ500 مليون دولار. وضمن إطار النقل والبنية التحتية، تم الإعلان عن تنفيذ مشروع مترو يربط شرق دمشق بغربها، مع محطات تشمل مطاعم ومقاهي، بالإضافة إلى مشروع خط غاز من دير علي إلى العاصمة، وخط مياه محلاة من طرطوس، وخطوط كهرباء تغذّي دمشق من محطات الطاقة الشمسية.

ورأت الخبيرة الاقتصادية والوزيرة السابقة لمياء عاصي أن المنتدى رسالة إقليمية قوية تعيد وضع سوريا على خريطة الأسواق الواعدة، مشيرة إلى أن حجم الاستثمارات التي تم الإعلان عنها بلغ نحو 6.4 مليار دولار، موزعة على 12 قطاعًا حيويًا. وحذّرت من تحديات جدية، أبرزها هشاشة الوضع الأمني وغياب الانضباط بين بعض الفصائل المسلحة، إلى جانب ضعف البنية المصرفية وقلة الإيرادات العامة. وقال الخبير الاقتصادي خالد تركاوي إن ما حصل يمثل تحولًا اقتصاديًا حقيقيًا، مشيرًا إلى أن الوفد الاستثماري السعودي تجاوز 500 مسجل، إلا أن الحاضرين اقتصروا على 120 رجل أعمال لأسباب لوجستية. ولفت إلى أن القيمة الاقتصادية لهؤلاء المستثمرين ضخمة، إذ تُمثل شركاتهم أصولًا تتراوح ما بين 200 مليار وتريليون دولار، موضحًا أن الرقم الحقيقي للاستثمارات المفعّلة الآن يبلغ 120 مليون دولار، فيما تمثل باقي الأرقام تفاهمات أولية تلتزم بها المملكة عادة ضمن مراحل تمتد لثلاث أو أربع سنوات. وشدد تركاوي على أن السوق السوري حاليًا هو سوق خام، مما يجعله مهيّأ للاستثمار في كل المجالات، كما دعا إلى إعادة تأهيل الكوادر السورية لتمكينها من التعامل مع مستثمرين بهذا الحجم، وتوفير بيئة قانونية وتشريعية محفزة وجاذبة.

مشاركة المقال: