السبت, 26 يوليو 2025 10:04 AM

سوريا على مفترق طرق: تحولات كبرى نحو نهضة شاملة

سوريا على مفترق طرق: تحولات كبرى نحو نهضة شاملة

يمر السوريون في مرحلة مفصلية من تاريخهم، تتأرجح فيها المشاعر بين القلق والأمل، والحذر والتطلع. المشهد العام، بتحدياته الداخلية والضغوط الخارجية والصراعات المتعددة، قد يثير الإحباط، لكنه يشبه المراحل الحاسمة التي سبقت نهضة شعوب أخرى. ما تشهده سوريا اليوم أشبه بمخاض تاريخي، فالأزمات قد تكون مدخلاً للانبعاث الوطني الجديد.

ليس من العدل تحميل "المولود المنتظر" مسؤولية أوجاع ما قبل الولادة، فما نعيشه جزء طبيعي من تحولات كبرى تمر بها الدول. الدولة السورية، بعمقها الحضاري وإرثها التاريخي وموقعها الجيوسياسي، قادرة على عبور هذه المرحلة وتحقيق نهضة شاملة تستند إلى العدالة والسيادة والوحدة والكرامة الوطنية. التاريخ يثبت أن الدول الكبرى لم تصل إلى استقرارها وتقدمها إلا بعد تحديات بنيوية صعبة.

ألمانيا، على سبيل المثال، لم تصبح عموداً للاقتصاد العالمي إلا بعد حروب وصراعات داخلية انتهت بتوحيد شعبها على يد المستشار الحديدي بسمارك، لتبني دولة حديثة تحترم القانون. والولايات المتحدة الأمريكية لم تصل إلى مكانتها إلا بعد حرب أهلية طويلة وانقسامات حادة، لكنها انتقلت عبر دستور قوي ومصالحة وطنية من الفوضى إلى الوحدة.

التاريخ يؤكد أن المحنة قد تكون بوابة المنحة، والدول تبنى في لحظات الصراع بالإرادة الوطنية. ما تمر به سوريا اختبار للثبات والوعي، وتمهيد لتحول استراتيجي عنوانه الأمل وسلاحه الصبر، والنتيجة دولة قوية ذات سيادة حقيقية تستعيد موقعها بين الأمم.

الوحدة الوطنية ليست هدية، بل خيار وطني شجاع، وإعادة ترميم المجتمع السوري مسؤولية جماعية تقوم على الاحترام المتبادل، فالوطن لا يختزل في رأي واحد، والنهضة تبنى على الانتماء الوطني والمصالحة بقرار سيادي تتخذه القيادة والشعب معاً.

نعم، ما مررنا به من دمار وشتات كان قاسياً، والتحديات جسيمة. لكن سوريا بتاريخها وقيادتها الجديدة وشعبها قادرة على تجاوزها والانطلاق نحو مستقبل مشرق يرتكز على العمل المؤسساتي والتنمية المستدامة والهوية الوطنية الجامعة. سوريا التي نطمح إليها ليست حلماً بعيداً بل واقعاً قادماً نرسمه معاً بالتضحية والوفاء والثقة بالدولة ومؤسساتها. وكما توحدت ألمانيا وكما نهضت الولايات المتحدة، فإن سوريا قادرة على تجاوز جراحها لتكون دولة قوية ومستقلة ومزدهرة وموحدة.

بقلم: محمود صالح الناصيف

مشاركة المقال: