محمد عساف يشعل قرطاج بأغاني فلسطين ويهدي حفله لغزة

بعد عامين من الصمت، عاد "صوت فلسطين" ليصدح مجدداً، معبراً عن نضالات غزة وأهلها. محمد عساف، الفنان الفلسطيني، قرر أن يعود للغناء لوطنه وشعبه، فاعتلى خشبة المسرح الأثري بقرطاج متزيناً بالكوفية الفلسطينية، حاملاً معه إرادة الحياة التي لم تستطع آلة الحرب كسرها.

تحت عنوان "من أجل غزة"، أحيى عساف حفلاً ضمن فعاليات الدورة التاسعة والخمسين لمهرجان قرطاج الدولي، بحضور وزيرة الشؤون الثقافية السيدة أمينة الصرارفي. غنى عساف وهو يحمل وجع غزة، وهتف للوطن والحرية والشعب الصامد. بعد عامين من الصمت، صدح صوته بأغنيات مثل "أنا دمي فلسطيني" و"علي الكوفية"، رمز صمود الفلسطينيين منذ النكبة.

رفرفت الأعلام الفلسطينية والتونسية عالياً، وارتدى الجمهور الكوفية ورفعوا شارات النصر. ومع بداية الحفل، كان شعار "بالروح، بالدم نفديك فلسطين" حاضراً، ليجيبهم الفنان "بالفعل هذه رسالتنا اليوم من قرطاج إلى فلسطين وغزة".

سهرة 27 جويلية 2025 على مسرح قرطاج كانت المرة الثانية التي يقف فيها محمد عساف على هذا المسرح. ففي عرضه الأول عام 2021، كان أكثر مرحاً وحيوية، أما في هذه الليلة، فقد بدت ملامح الحزن واضحة على وجهه، وكلما حاول أن يبتسم، كانت الابتسامة باهتة وموجعة، لأنه مثقل بالفقد ووجع التجويع والقتل الذي يعيشه أهالي غزة. وحده الصوت كان قوياً وشامخاً، وكأنه صدى للبارود هناك.

بصوته، وجه رسالة للصامتين قائلاً: "يا شعوب الأرض لازم بالوجع تتوحدي، يا عرب اصحوا بقى يا عروبة تجددي، فلسطين امي، يا ساكنة دمي، وبشرع ها الاحرار، النار بدها نار"، وصدحت أغنية "يا دنيا علي اشهدي" كصرخة ضد الصمت.

تزين مسرح قرطاج بصور من فلسطين وشهدائها الأطفال، بالإضافة إلى العلمين التونسي والفلسطيني. توجه عساف إلى الجمهور برسالة في بداية الحفل قائلاً: "في هذا الظرف الذي تمر به فلسطين الحبيبة ونحن هنا في تونس الغالية والعظيمة، تونس طالما احتضنت فلسطين وقضيتها، كل المحبة لكم، تحية إلى فلسطين أم البدايات وأم النهايات، إلى غزة العزة التي تتعرض للإبادة أمام هذا الصمت الرهيب، تحية لصرخات أطفالك، لنساء غزة لشيوخها جئتكم اليوم وعلى كاهلي الكثير وألم يعتصرني، نحن موجودين من قرطاج حتى نُسمِع أصواتنا، لنغني لأهل غزة، رغم الألم غزة تستحق منا الكثير، من قرطاج نرفع أصواتنا للعالم ونقول فلسطين حرة أبية ومن أجل غزة نكون على قدر المسؤولية احتراماً لوجع غزة".

أوفى الفنان بوعده واحترم وجع أبناء بلده، وكان صادقاً في أدائه. كما صرح عساف بأن عائدات الحفل وأجره سيكون هدية منه لقطاع غزة.

غنى محمد عساف أغنية "ارفع راسك"، وارتأى أن يكسر الصمت وأن تكون الليلة من أجل فلسطين وغزة، فشاركه الجمهور المسؤولية وهتفوا بصوت واحد: Free Gaza.

أرسل محمد عساف سلامه لغزة في أغنية تلخص وجع الحرب تقول كلماتها "لنا الله في كل حزن وهم، غزة تأن بدمع ودم، وكل المآسي وحجم الألم، لنا الله".

التزم محمد عساف بباقة من الأغاني الوطنية، مثل "يا دنيا علي اشهدي" و"ارفع راسك" و"يا بنات بلدنا" و"علي الكوفية"، وغنى لمارسال خليفة "منتصب القامة أمشي"، واستحضر وديع الصافي في "عندك بحرية"، وصدح بأغنية "لو رحل صوتي" لسميح شقير، وغنى "موطني".

أمام جمهور قرطاج، كتب محمد عساف رسالة لأبناء قطاع غزة، حيا فيها صمودهم، وغنى لهم رغم الإبادة، مطالباً الجميع بأن يكونوا صوتاً لأطفال غزة ونسائها، وأن تتحرك السواكن وتستيقظ الضمائر، وأن تتحقق العدالة وأن نسترجع فلسطين.