بدأت الحكومة السورية في صرف الزيادة الأولى على رواتب الموظفين والمتقاعدين بنسبة 200% مع بداية شهر آب. وقد وُصفت هذه الخطوة بالإيجابية من حيث تحسين الظروف المعيشية، إلا أنها أثارت في الوقت نفسه تحذيرات من احتمالية حدوث آثار تضخمية إذا لم تصاحبها إجراءات اقتصادية داعمة.
أكدت منال الشياح، نائبة عميد كلية الاقتصاد الثانية، أن هذه الزيادة ستعزز القدرة الشرائية للمواطنين وستدعم سوق العمل من خلال ضخ السيولة النقدية. وتوقعت الشياح أن يكون لهذه الزيادة تأثير إيجابي على أداء الموظفين، بالإضافة إلى تشجيع الادخار والاستثمار. ومع ذلك، شددت على أهمية تسهيل سحب الرواتب من المصارف لضمان فاعلية الإنفاق ومنع بقاء القوة الشرائية محصورة بقيود البنك المركزي.
كما رأت الشياح أن زيادة الأجور في القطاع العام قد تدفع القطاع الخاص إلى رفع الأجور أيضاً، الأمر الذي قد يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج وزيادة أسعار السلع. وحذرت من خروج بعض المنتجات المحلية من السوق لصالح السلع المستوردة ذات الرسوم المنخفضة، مما يستدعي توفير الحماية للمنتجات الوطنية من خلال تعديل السياسة الجمركية.
من جانبه، أوضح الباحث الاقتصادي والسياسي باسل كويفي أن رفع الرواتب في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية يحمل أبعاداً متعددة. فعلى الصعيد السياسي، يهدف إلى تعزيز الثقة بالحكومة وتخفيف الضغط الشعبي. أما اقتصادياً، فيسعى إلى دعم الطلب الداخلي وتحفيز الإنتاج. واجتماعياً، يهدف إلى تخفيف حدة الفقر وتقليل الفجوة الطبقية. لكنه نبه إلى ضرورة تجنب الاستخدام السياسي لهذه الزيادة دون معالجة جذرية للمشكلات الاقتصادية، الأمر الذي قد يؤدي إلى فقدان الثقة على المدى البعيد.
ويرى كويفي أن الأثر الاقتصادي للزيادة سيكون ملموساً في حال استُثمرت ضمن بيئة ضابطة للأسعار ومستقرة نقدياً، مما يحفز الإنتاج ويقلل من التفاوت الاجتماعي. وحذر من أن ضخ السيولة دون ضبط العرض سيؤدي إلى تضخم وزيادة الضغط على الموازنة العامة.
بدوره، أشار الخبير الاقتصادي شفيق عربش إلى أن مرسوم الزيادة الأخير يعتبر الأكبر منذ أكثر من خمسين عاماً، موضحاً أن الكتلة النقدية المطروحة بموجب هذه الزيادة قد تتجاوز 5 تريليونات ليرة سورية، الأمر الذي سيؤدي إلى تحريك السوق وتحسين مستوى معيشة موظفي الدولة بشكل جزئي.
وشدد عربش على ضرورة اتخاذ خطوات فورية لضبط الأسعار ومنع تآكل قيمة الزيادة، وذلك من خلال توفير السلع الأساسية وتشديد الرقابة الفعلية على الأسواق. ودعا إلى كسر الحلقة السابقة التي كانت تسمح للتجار برفع الأسعار دون ضوابط، مما أفرغ الزيادات السابقة من معناها.