أعلنت محافظة درعا، يوم الأربعاء الموافق 30 تموز 2025، عن خطط لإنشاء مخيمات مؤقتة بهدف استقبال النازحين القادمين من محافظة السويداء. جاء هذا القرار عقب سلسلة من الاجتماعات التي عقدت مع ممثلين عن مراكز الإيواء، بالإضافة إلى منظمات محلية ودولية، وفقًا لبيان صحفي نشرته المحافظة عبر منصاتها الرسمية.
يتزامن هذا الإعلان مع قرب بداية العام الدراسي الجديد، مما استدعى إخلاء المدارس التي كانت تستخدم كمراكز إيواء، وذلك بهدف الحفاظ على سير العملية التعليمية. يأتي هذا التحرك في ظل الغياب المستمر للمؤسسات الحكومية في محافظة السويداء، الأمر الذي أدى إلى زيادة تدفق العائلات باتجاه درعا.
مراكز إيواء ولجنة طوارئ
منذ بداية تدفق النازحين، قامت محافظة درعا بتجهيز 63 مركز إيواء في مدارس لا تضم مراكز امتحانية، موزعة في الريفين الشرقي والأوسط، وذلك خلال الأسبوعين الماضيين. تم إجلاء خمس قوافل من عشائر البدو في السويداء نحو درعا بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار، وكان آخرها في 25 تموز الحالي، بعد أسبوعين من بدء حركة النزوح الفعلي للأهالي نتيجة الاشتباكات بين الفصائل المحلية في السويداء وعشائر البدو وقوات الأمن العام.
أسفرت هذه الاشتباكات عن نزوح أكثر من 4629 عائلة، أي ما يتجاوز 25,000 فرد، معظمهم من أبناء السويداء، بالإضافة إلى بعض الأفراد من محافظات أخرى كانوا يقيمون فيها قبل الأحداث الأخيرة. يذكر أن المحافظة قد شكلت لجنة طوارئ برئاسة المحافظ أنور طه الزعبي، بهدف متابعة أوضاع النازحين وتلبية احتياجاتهم الأساسية.
أشارت المحافظة في منشور لها بتاريخ 18 تموز عبر “فيسبوك”، إلى أن اللجنة ستشرف على تأمين الغذاء والمستلزمات الطبية والمأوى، خاصة للنساء الحوامل والرضع والمرضى، وذلك بالتنسيق مع المجتمع المحلي والمنظمات الإنسانية. وقال عضو المكتب التنفيذي في محافظة درعا، حسين النصيرات، لعنب بلدي في وقت سابق، إنه تم تشكيل غرفة عمليات ميدانية مشتركة تضم ممثلين عن الدفاع المدني، عضو المكتب التنفيذي، مكتب التنسيق للشؤون الإنسانية، الهلال الأحمر، ومديرية الشؤون الاجتماعية، تتولى تنسيق عمليات الإحصاء وتحديد الاحتياجات وتوجيه تدخلات المنظمات.
وضع المخيمات؟
تواصلت عنب بلدي مع عضو المكتب التنفيذي للشؤون الإنسانية، حسين النصيرات، للحصول على تفاصيل حول واقع المخيمات وآلية تنظيمها، إذ أكد أن العمل جارٍ حاليًا بالتعاون مع المنظمات المختصة لوضع معايير خاصة لهذه المخيمات الجديدة. وأوضح النصيرات أن المخيمات المزمع إنشاؤها ستقام على أراضٍ مملوكة للدولة، تم تحديد مواقعها ويجري تقييمها حاليًا، مع الالتزام بالحد الأدنى من المعايير الإنسانية المتعارف عليها، وبالتنسيق الكامل مع الجهات والمنظمات ذات الصلة.
كما شدد على أن المخيمات لن تكون على شكل “مجتمعات خاصة”، بل سيتم تخصيص أماكن مناسبة لكل عائلة دون أي فصل أو تمييز، وذلك بما يتوافق مع طبيعة المخيمات الإنسانية. ولفت إلى أنه سيتم تشكيل إدارة داخلية لكل مخيم تتكون من السكان أنفسهم إلى جانب ممثلين عن الجهات المختصة، مع إشراك المنظمات في كافة مراحل الإنشاء والإدارة لاحقًا.
نزوح مؤقت وأزمة مستمرة في السويداء
من جانبه، قال المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية، نور الدين البابا، إن مغادرة العائلات من السويداء “مؤقتة” بسبب الأوضاع الإنسانية والأمنية، مؤكدًا أن العودة ستكون قريبة فور استقرار الوضع في المحافظة. وتشهد محافظة السويداء أزمة أمنية وإنسانية متفاقمة، عقب اندلاع أعمال عنف بين مسلحين من عشائر البدو وفصائل درزية محلية، رافقها تدخل من الحكومة السورية، أعقبه قصف إسرائيلي، ما زاد من تعقيد المشهد.
وتُتهم أطراف عدة، بينها مجموعات تنتمي لقوات الأمن الحكومية وأخرى محلية موالية للرئيس الروحي للطائفة الدرزية حكمت الهجري، بالضلوع في الانتهاكات المستمرة، وسط غياب شبه كامل لمؤسسات الدولة.