الثلاثاء, 5 أغسطس 2025 07:30 AM

زيادة الرواتب في سوريا: هل تنعش الأسواق أم تؤجج التضخم؟ خبراء يحللون

زيادة الرواتب في سوريا: هل تنعش الأسواق أم تؤجج التضخم؟ خبراء يحللون

مع بداية شهر آب، بدأت الجهات الحكومية في صرف الزيادة المقررة على رواتب الموظفين والمتقاعدين، والتي تبلغ 200 بالمئة. يرى المحللون والخبراء أن هذه الزيادة ستنعش الأسواق، لكنهم يحذرون في الوقت نفسه من خطر التضخم، مما يستدعي اتخاذ الحكومة إجراءات إضافية لتجنب تحول الزيادة إلى كارثة اقتصادية واجتماعية.

ترى الدكتورة منال الشياح، نائبة عميد كلية الاقتصاد الثانية، أن زيادة الرواتب بنسبة 200٪ خطوة إيجابية لتحسين مستوى معيشة الموظفين وزيادة قدرتهم الشرائية، خاصة وأن هذه الزيادة تعتبر كبيرة مقارنة بالزيادات السابقة. وتشير إلى وجود وعود بزيادة أخرى خلال الأشهر المتبقية من العام، مما يشكل حافزاً حقيقياً لسوق العمل من خلال ضخ السيولة، وينعكس على قطاعات متعددة دون التسبب بضغوط تضخمية، خاصة مع ثبات أسعار الطاقة نسبياً.

وفي حديث مع صحيفة "الحرية"، أوضحت الشياح أن هذه الزيادة تساهم أيضاً في جذب الكفاءات، ورفع الإنتاجية، وتحسين الأداء الوظيفي، وتشجيع الادخار والاستثمار. لكنها اشترطت تخلي الدولة عن سياسة حبس السيولة، مؤكدة أنه لا فائدة من الزيادة إذا لم يتمكن الموظف من سحب راتبه كاملاً وشراء احتياجاته، مما يؤثر سلباً على الاقتصاد. وأضافت أن ضعف سحب الرواتب من المصارف يبقي الموظف حبيس قرارات البنك المركزي، وبالتالي تضعف القوة الشرائية ولا ترتفع الأسعار.

كما لفتت إلى أن ارتفاع رواتب القطاع العام سيدفع موظفي القطاع الخاص للمطالبة بزيادة رواتبهم، مما يرفع تكاليف الإنتاج وأسعار السلع. لكن ارتفاع أسعار السلع المحلية سيجعلها غير قادرة على منافسة أسعار السلع الأجنبية المستوردة برسوم مخفضة، مما قد يتسبب في خروج المنشآت المحلية من السوق. لذلك، دعت إلى اتخاذ قرارات لحماية المنتجات المحلية من خلال ضبط الرسوم الجمركية على السلع المستوردة.

من جهته، أكد المهندس باسل كويفي، الباحث في الشأن السياسي والاقتصادي، في حديث لـ "الحرية" أن زيادة الرواتب في الدول التي تعاني من تحديات اقتصادية وسياسية معقدة لها تأثيرات متعددة الأبعاد على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وشدد على أهمية تسليط الضوء على هذه التأثيرات لتحديد الإيجابيات والسلبيات.

فعلى الصعيد السياسي، أوضح كويفي أن الإيجابيات تتمثل في تعزيز الاستقرار السياسي وتخفيف الضغوط الشعبية على الحكومات، إضافة إلى تعزيز الثقة بالحكومة إذا رافقت الزيادة تحسينات ملموسة في مستوى المعيشة. أما السلبيات فتكمن في عدم كفاية الإجراءات المصاحبة للزيادة، وإمكانية حدوث تضخم سريع يضعف الثقة بالحكومة، بالإضافة إلى إمكانية تمويل الزيادة من خلال تخفيضات في ميزانيات أخرى، واستخدامها كأداة دعائية دون معالجة المشكلات الاقتصادية.

أما التأثير على الصعيد الاقتصادي، فيشمل تحفيز الطلب الاستهلاكي واستقرار سعر الصرف ودعم القطاعات والمنتجات المحلية وتقديم حوافز للمنتجين المحليين وتقليل الفجوة الاجتماعية. لكنه حذر من التضخم المحتمل والضغط على الموازنة العامة.

وأضاف كويفي أن الإيجابيات على الصعيد الاجتماعي تتجلى في تحسين مستوى المعيشة وتخفيف الفقر وتقليل التوترات الاجتماعية وتعزيز التضامن الاجتماعي وتشجيع المواطنين على الإنفاق المدروس.

بدوره، أكد الخبير الاقتصادي الدكتور شفيق عربش أن المرسوم الرئاسي بزيادة الرواتب والأجور للعاملين بالدولة، والذي صدر في حزيران الماضي، يعد أكبر زيادة في تاريخ الزيادات على الرواتب والأجور في سوريا منذ أكثر من خمسين عاماً.

ويرى أن هذه الزيادة ستؤدي إلى طرح كتلة نقدية في الأسواق تفوق قيمتها 5 تريليونات ليرة، مما سيحرك الأسواق ويحسن مستوى معيشة العاملين في القطاعات الحكومية.

وأضاف عربش أنه لكي تؤتي هذه الزيادة أكلها، يجب اتخاذ إجراءات عاجلة وضرورية، في مقدمتها ضبط الأسعار وزيادة تدفق السلع والخدمات الضرورية وتشديد الرقابة على الأسواق بصورة تختلف عما كانت عليه في الفترات السابقة.

مشاركة المقال: