الإثنين, 4 أغسطس 2025 10:58 PM

اتفاق الغاز الأذربيجاني إلى حلب: هل هو إنجاز أم مجرد إحياء لاتفاق قديم؟

اتفاق الغاز الأذربيجاني إلى حلب: هل هو إنجاز أم مجرد إحياء لاتفاق قديم؟

لا يزال الغموض يحيط ببدء ضخ الغاز الأذربيجاني إلى محافظة حلب، مما يثير تساؤلات حول جدوى هذا الاتفاق وأهميته. هل يمثل هذا الاتفاق إنجازاً حقيقياً للسلطة الحالية، وهل تعتبر كمية 3.4 مليون متر مكعب يومياً كمية كبيرة تستحق الاحتفاء، أم أنها كمية محدودة؟

تتضح أهمية السؤال الأخير عند مقارنة هذه الكمية بإنتاج سوريا من الغاز قبل عام 2011، والذي كان يتجاوز 22 مليون متر مكعب يومياً، بالإضافة إلى استيراد حوالي 6 مليون متر مكعب يومياً من مصر عبر خط الغاز العربي. ومع ذلك، كان المسؤولون يشيرون إلى وجود نقص يقدر بنحو 5 ملايين متر مكعب يومياً لتلبية احتياجات البلاد.

أما بالنسبة للسؤال الأول، فإن اتفاق الغاز مع أذربيجان يعيد إحياء اتفاقاً قديماً وقعه وزير النفط في حكومة النظام السوري السابق، سفيان العلاو، مع وزير الطاقة الأذري في مارس 2010. كان الاتفاق يقضي بتزويد أذربيجان لسوريا بكمية 1.5 مليار متر مكعب سنوياً عبر خط الغاز التركي، أي ما يعادل 3.4 مليون متر مكعب يومياً، وهي نفس الكمية التي بدأ ضخها يوم السبت.

تعود جذور هذا الاتفاق إلى زيارة بشار الأسد، إلى أذربيجان في يوليو 2009، حيث وقعت وزارة النفط السورية ووزارة الطاقة الأذرية محضراً للاجتماع تم الاتفاق خلاله على بدء مفاوضات لإبرام اتفاق طويل الأمد لبيع وشراء الغاز الطبيعي بكمية تتراوح بين مليار ومليار ونصف متر مكعب سنوياً. كما اتفق الجانبان على تعزيز التعاون في مجال نقل الغاز الأذري عبر شبكة الغاز السورية إلى مستهلكين آخرين في الدول العربية.

لم يتم تنفيذ الاتفاق في ذلك الوقت، ولم يتم ضخ أي غاز أذربيجاني إلى سوريا بسبب عدم جاهزية خط الغاز على الجانب السوري، والذي كان يحتاج إلى حوالي 40 كيلومتراً للوصول إلى مدينة كلس التركية. بالإضافة إلى ذلك، أثيرت مخاوف داخل الحكومة السورية من إمكانية استخدام تركيا لورقة الغاز الأذري كأداة للضغط السياسي على سوريا ودول عربية أخرى، مستشهدين بما فعلته تركيا مع اليونان عام 2007 عندما أوقفت إمدادات الغاز عبر خط تابو.

وفي هذا السياق، يرى المستشار القانوني والاقتصادي السوري، الدكتور إيهاب أبو الشامات، أن مشروع تزويد حلب بالغاز بتمويل قطري أذربيجاني مشترك، يخفي تحركاً جيوسياسياً معقداً. ويوضح أبو الشامات أن الاتفاق يقضي بأن تُورّد تركيا نحو 1.2 مليون متر مكعب يومياً من الغاز إلى المنطقة الصناعية في الشيخ نجار بحلب، على مدى ثلاث سنوات مبدئية قابلة للتمديد.

يُقسَّم التمويل بين الجانب القطري (دعم لوجستي وتمويلي)، وشركة Socar الأذربيجانية التي توفّر الغاز المصدر عبر شبكة TANAP. ويشير إلى أن الغاز لن يُباع مباشرة لسوريا بل يُقدّم كجزء من آلية دعم صناعي لمناطق الإنتاج في الشمال السوري، عبر شركات تشغيل محلية مُرخّصة من الجانب السوري، ضمن رقابة مشتركة بين الرئاسة السورية والمؤسسة العامة للنفط.

ويضيف الخبير الاقتصادي ورجل الأعمال، أن تركيا تسعى منذ أكثر من عقد لتكون مركزاً إقليمياً لتوزيع الغاز، مستفيدة من موقعها بين الشرق والغرب، وارتباطها بشبكات الغاز الروسية، الأذربيجانية، والإسرائيلية سابقاً. ويلفت إلى أن طموح أنقرة لا يقتصر على الجانب الاقتصادي، بل يشمل النفوذ السياسي في الدول التي تمر بها أنابيبها، مشيراً إلى أن خطوط الغاز التركية ليست محايدة سياسياً، بل تُستخدم كأداة للتأثير الناعم، وأحياناً للضغط الصلب.

ويرى أبو الشامات أن الغاز التركي قد يبدو فرصة واعدة لإحياء عجلة الإنتاج في حلب، لكنه ليس مشروعاً بريئاً تماماً، فالتجارب السابقة تُظهر أن أنقرة لا تمرر الغاز مجاناً، لكنه أكد بأن القيادة السورية، تقترب من الأنبوب بحذر ناضج، وترفض أن تكون مثل الدول التي وقّعت ثم دفعت الثمن.

مشاركة المقال: