لم تعد وسائل التواصل الاجتماعي في سوريا مجرد وسيلة لتبادل الأخبار والآراء، بل أصبحت ساحة معركة كلامية ومنصة لخطابات الكراهية والطائفية والعنصرية. ما كان يتم همسه في الخفاء أصبح الآن منشورًا علنيًا أو تعليقًا فظيعًا أو قصة يتم تداولها للتحريض على العنف والإقصاء. في هذا المشهد السام، تزداد الحاجة إلى أدوات حماية فردية وجماعية، مما يطرح السؤال: كيف يمكننا إبعاد المحرضين عن فضائنا الرقمي؟
الخبر السار هو أن منصات مثل "ميتا" (فيسبوك، إنستجرام، واتساب، وحتى "ثريدز") توفر أدوات لإدارة هذه الفوضى الرقمية. لكن المعرفة وحدها لا تكفي، بل نحتاج إلى وعي جماعي واستخدام منظم لهذه الأدوات للحد من انتشار خطابات الكراهية.
فيسبوك: ساحة متاحة للمواجهة
يعتبر "فيسبوك" المنصة الأكثر استخدامًا بين السوريين، مما يجعله أخطر حقل للتأثير والتحريض. لحسن الحظ، توفر المنصة أدوات قوية:
- الإبلاغ عن منشور أو حساب محرض: بنقرة واحدة على النقاط الثلاث، يمكنك الإبلاغ عن خطاب كراهية أو تحريض طائفي أو عنصري، وإرسال البلاغ إلى فريق المنصة.
- إخفاء التعليقات تلقائيًا: من الإعدادات، يمكنك تفعيل خيار "إخفاء التعليقات التي تحتوي على كلمات مسيئة"، وإدخال كلمات محلية شائعة للتحريض أو الإهانة.
- الحظر والكتم: أبسط دفاع شخصي هو منع هذه الحسابات من الوصول إليك أو إزعاجك، دون الدخول في جدالات غير مجدية.
إنستجرام: جمال الصورة لا يمنع قبح المحتوى
على الرغم من الطابع البصري، فإن "إنستجرام" ليس بمنأى عن الكراهية:
- الإبلاغ عن محتوى أو حساب: يمكنك بسهولة الإبلاغ عن منشورات أو قصص تحرض على العنف أو الكراهية من خلال خيار "الإبلاغ".
- تقييد الحسابات المسيئة: ميزة "تقييد" تتيح لك الحد من وصول المحرضين دون الدخول في صدام مباشر.
- الكلمات المحظورة: خصص قائمة بالكلمات التي تريد حجبها عن تعليقات منشوراتك، خاصة تلك المرتبطة بالخطاب الطائفي أو العنصري في السياق السوري.
واتساب: صمت مشفر لا يعني التسيب
على الرغم من أن "واتساب" مشفر، إلا أنه يمكن التصرف عند تلقي رسائل مسيئة، مثل حظر الرقم أو الإبلاغ عنه مع إرسال آخر خمس رسائل لمراجعتها من إدارة التطبيق، أو الخروج من المجموعات المسيئة والإبلاغ عنها.
بلاغات جماعية.. تأثير مضاعف
من الأخطاء الشائعة الاعتقاد بأن بلاغًا واحدًا يكفي. الواقع أنه كلما تكررت البلاغات من عدة مستخدمين في وقت متقارب، زادت فرص أن تراجع إدارة المنصة الحساب بسرعة. لذلك، شارك لقطات الشاشة، وركز على النمط التكراري للسلوك، ثم نسق مع الآخرين للتبليغ الجماعي.
فلنكن "خط الدفاع الأول"
لن يتحرر الفضاء الرقمي من الكراهية تلقائيًا، ولن تنجح الخوارزميات في فرز السم من العسل دون مشاركتنا كأفراد ومجتمعات في تحديد حدود الاحترام. السكوت على خطاب الكراهية هو مشاركة في نشره، والمواجهة لا تعني بالضرورة الدخول في جدال، بل استخدام الأدوات بوعي والوقوف ضد التحريض بكبسة زر. فبين "إبلاغ" و"تقييد" و"كتم"، هناك مساحة فعل يجب أن نمارسها كل يوم، لنحمي ما تبقى من نسيجنا الإنساني، في وطن تآكلت حدوده على الأرض، فهل نتركه يذوب في الشبكة أيضًا؟