الثلاثاء, 5 أغسطس 2025 07:31 PM

اعترافات غربية بفلسطين في ظل الإبادة: هل هي خطوة جادة أم تبرير للصمت؟

اعترافات غربية بفلسطين في ظل الإبادة: هل هي خطوة جادة أم تبرير للصمت؟

أعلنت فرنسا مؤخرًا عن نيتها الاعتراف بدولة فلسطين، لتنضم إلى دول غربية أخرى مثل بريطانيا وكندا، بالإضافة إلى إيرلندا والنرويج وإسبانيا وغيرها. تأتي هذه الإعلانات تحت شعارات مثل "لا يمكن أن يستمر الاحتلال إلى الأبد"، و"السلام العادل هو المخرج الوحيد"، و"نحن نؤمن بحل الدولتين"، ولكنها تتزامن مع استمرار حرب الإبادة في قطاع غزة منذ ما يقرب من عامين.

يثار تساؤل حول موقف الدول الغربية التي قررت الاعتراف بالدولة الفلسطينية: أين كان "الضمير الإنساني" عندما بدأت كارثة الحرب والتقتيل؟ ولماذا يأتي "الاعتراف" بعد كل هذا الدمار والقتل والمجاعة، وليس قبله؟ السؤال الأهم هو: هل يعكس هذا الاعتراف موقفًا أخلاقيًا، أم أنه مجرد ذريعة لتبرير الصمت طوال عامين من حرب الإبادة؟ وهل يعتبر الاعتراف بدولة فلسطين مبادرة رمزية أم خطوة عملية؟

وراء "حركة الاعتراف" هذه يوجد قرار سياسي، لكنه لا يصاحبه ضغط حقيقي على إسرائيل، ولا يستخدم كوسيلة لإجبارها على وقف الحرب، علمًا بأنه يأتي بعد 600 يوم من القصف والقتل والحصار والتجويع في غزة. لو كانت فرنسا جادة ومؤمنة بحل الدولتين، كما تدعي، لما تأخرت حتى الآن، وربما كانت فعلت ذلك قبل الحرب. لكنها استمرت، مثل غيرها من الدول الغربية، في بيع الأسلحة للجيش الإسرائيلي الذي يستخدمها في قتل الفلسطينيين.

ما معنى الاعتراف بفلسطين في زمن إبادة فلسطين وشعبها؟ هل تريد فرنسا وبريطانيا وغيرهما القول: "نحن نرى ما يحدث، ولا نتدخل لوقف الإبادة والمجاعة، فلنعترف بدولة فلسطين لنبرر صمتنا باسم المبادئ والقيم والأخلاق"؟ هذا يخدم إسرائيل، التي تواصل عملها الدؤوب ليس لتشكيل الدولة الفلسطينية كما تريدها أوروبا، ولكن لجعل "الاعتراف" فارغًا من مضمونه، وربما من شكله أيضًا.

وهكذا، تقدم فرنسا وبريطانيا وغيرهما على ممارسة هي في جوهرها دفع اتهام أمام الذات والجمهور والرأي العام: نحن نعترف بفلسطين، فلنبرئ ساحتنا. لكن ماذا عن التدخل لوقف المجاعة والقتل اليومي؟ وماذا عن الاستمرار في دعم إسرائيل وتوريد الأسلحة والذخائر لها؟ وماذا عن الامتناع عن فرض العقوبات عليها أو محاسبتها؟

ما يريده الفلسطينيون ليس الاعتراف بدولة طالما امتنع هؤلاء عن الاعتراف بها حين كان لذلك قيمة. الأولوية الآن ليست لاعترافات هذه الدول بدولة فلسطينية، بل في منع المجاعة والقتل. لكن، كما ثبت إلى الآن، فإن أولوية الدول الغربية كانت ولا تزال: العلاقات مع واشنطن، وتجنب إغضاب اللوبي الإسرائيلي، والاستمرار في بيع الأسلحة.

كان الأجدر بفرنسا وغيرها أن تعترف بالتقصير، وليس بفلسطين. كان عليها أن تعترف بالذنب وبالمشاركة غير المباشرة في الحرب، عبر دعمها سياسيًا وعسكريًا ولوجستيًا، وعبر صمتها وانكفائها عن أي ضغط فعلي ومؤثر. لذلك، فإن الاعتراف بفلسطين من دون أي ضغط حقيقي على إسرائيل لوقف إبادة الشعب الفلسطيني، لا يعدو كونه طقسًا دبلوماسيًا فارغًا.

عن أخبار سوريا الوطن

مشاركة المقال: