الخميس, 7 أغسطس 2025 03:43 AM

مصر تتحرك دبلوماسياً في حوض النيل لمواجهة تداعيات سد النهضة الإثيوبي

مصر تتحرك دبلوماسياً في حوض النيل لمواجهة تداعيات سد النهضة الإثيوبي

في ظل استمرار الخلاف حول سد النهضة الإثيوبي، كثفت مصر تحركاتها الدبلوماسية في منطقة حوض النيل. أبلغت القاهرة كامبالا بضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية أمنها المائي.

نقل وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، رسالة من الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى نظيره الأوغندي يوري موسيفيني، أكدت التزام مصر باتخاذ جميع الإجراءات التي يكفلها القانون الدولي لحماية أمنها المائي، في ظل عدم التوصل إلى اتفاق ملزم بشأن تشغيل سد النهضة. وكشف السفير تميم خلاف، المتحدث الرسمي للخارجية المصرية، عن اتصالات دورية بين مصر ودول حوض النيل الجنوبي، وزيارات رفيعة المستوى مرتقبة.

أوضح خلاف أن مصر تولي أهمية بالغة لعلاقاتها مع دول حوض النيل الجنوبي، لما تستند إليه هذه العلاقات من أبعاد تاريخية وجغرافية واستراتيجية، بهدف تعزيز التعاون المشترك والارتقاء بمستوى العلاقات، خاصة في المجالات التنموية. وأشار إلى تدشين مصر آلية لتمويل مشروعات تنموية في هذه الدول.

أكدت وزارة الخارجية المصرية أن الوزير عبد العاطي، وبتوجيهات من الرئيس السيسي، تناول خلال لقائه مع الرئيس الأوغندي شواغل القاهرة بشأن ملف نهر النيل والأمن المائي، مشدداً على ضرورة الالتزام بقواعد القانون الدولي المتعلقة بالموارد المائية المشتركة، ورفض مصر للإجراءات الأحادية التي تتخذها إثيوبيا، والتي تعد مخالفة للقانون الدولي في حوض النيل الشرقي. وأكد أن مياه النيل تمثل قضية وجودية لمصر، معرباً عن تطلع بلاده لتعزيز التكامل الإقليمي والتعاون بين دول حوض النيل لدعم التنمية.

كشف مصدر مصري مسؤول عن رسائل وتحركات مماثلة تقوم بها القاهرة مع دول منبع نهر النيل الأخرى، لشرح موقفها وأنها مجبرة على الحفاظ على حقوقها تجاه التعنت الإثيوبي، في ضوء حُسن النوايا الذي أبدته القاهرة والمواثيق الدولية ذات الصلة. وأشار إلى أن هذه الخطوات تأتي تمهيداً للإجراءات التي سيتم اتخاذها، والتي قد تبدأ بموافاة الهيئات الأممية والأفريقية والدولية باعتراضها على سياسة فرض الأمر الواقع الإثيوبية، وأن لها الحق في الحفاظ على حقوقها.

أوضح الدكتور رأفت محمود، الخبير المصري في الشؤون الأفريقية والأمن المائي، أن تحرك القاهرة الحالي مع دول حوض النيل يأتي تأكيداً للرؤية المصرية الخاصة بملف سد النهضة، وبناءً على التطورات الحالية المتعلقة باعتزام إثيوبيا الافتتاح الرسمي للسد دون الوصول لاتفاق ينظم إيراد النهر، خصوصاً في سنوات الجفاف. وأشار إلى أن مصر بدأت تحركاتها بالتواصل مع أوغندا لكونها من أهم الأطراف الفاعلة في ملف مياه النيل، وفي ضوء التقارب الحادث الآن بينهما، خاصة بعد زيارة وزير الدفاع ونجل الرئيس الأوغندي الأخيرة إلى مصر، وكذلك نظراً للصوت البارز لأوغندا في ذلك الملف، وأهمية التشاور مع القيادة الأوغندية تجاه شرح التعنت الإثيوبي، وإثباتاً للحقوق المصرية ورغبةً في تحييد دول حوض النيل الأخرى من تبني الرؤية الإثيوبية.

يزور وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، ووزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، أوغندا لبحث أوجه التعاون الثنائي والمشروعات القائمة بين البلدين في مجال الموارد المائية. والتقى عبد العاطي، هنري أورييم أوكيلو، وزير الدولة للشؤون الخارجية الأوغندي، بحضور سويلم، في كمبالا، وتناول اللقاء سبل تعزيز العلاقات المصرية – الأوغندية، وتكثيف التنسيق والتشاور إزاء القضايا ذات الاهتمام المشترك، خصوصاً قضية سد النهضة الإثيوبي.

تأتي تحركات مصر الحالية في ظل الزخم الذي أعاد به الرئيس الأميركي دونالد ترمب قضية سد النهضة للواجهة، وتأكيده أن السد يضر بمصر، وأن بلاده ستعمل على حل الأزمة. كما تأتي بعد إعلان أديس أبابا اكتمال السد، والاستعداد لتدشينه رسمياً في سبتمبر المقبل، موجهةً الدعوة لمصر والسودان لحضور حفل الافتتاح، وهي الدعوة التي رفضتها القاهرة، ووصفها وزير الخارجية المصري بأنها «عبث»، وأن لبلاده حق الدفاع الشرعي عن نفسها ومصالحها المائية حال حدوث أي ضرر.

يرى المحلل السياسي المصري المقيم في نيويورك محمد السطوحي أنه لا يجب أن تعول مصر في تحركاتها كثيراً على الولايات المتحدة بعد تصريحات ترمب عن السد؛ لأن هناك اعتبارات كثيرة تحكم سلوك ترمب وتصرفاته التي لا تتفق أحياناً مع المنطق. وأكد السطوحي أنه يخشى في حال تدخل أميركا أن يتم ربط قضية السد بقضايا أخرى مثل تهجير الفلسطينيين من غزة، أو نقل مياه النيل لإسرائيل مع تقديم مساعدات أميركية كبيرة لحكومة آبي أحمد، وكل ذلك يضر بمصر وعمقها الأفريقي.

استضافت واشنطن خلال ولاية ترمب الأولى جولة مفاوضات عام 2020، بمشاركة البنك الدولي، ورغم التقدم الذي شهدته المفاوضات بين الدول الثلاث (مصر وإثيوبيا والسودان)، فإنها لم تصل إلى اتفاق نهائي؛ بسبب رفض الجانب الإثيوبي التوقيع على مشروع الاتفاق، الذي جرى التوصُّل إليه وقتها، حيث اتهمت إثيوبيا أميركا بـ«الانحياز».

مشاركة المقال: