الخميس, 7 أغسطس 2025 08:04 PM

حلمي نجم: الطبيب النفسي والأديب العراقي الذي يرى في مهنته جسراً بين الإنسانية والإبداع

حلمي نجم: الطبيب النفسي والأديب العراقي الذي يرى في مهنته جسراً بين الإنسانية والإبداع

الدكتور حلمي نجم، كاتب ومترجم عراقي، جمع بين القصة والرواية والترجمة، واستلهم من تاريخ العراق، وخاصة مدينة الموصل، مواضيع أدبية عميقة. رغم عمله في لندن، استطاع بأسلوبه المتميز معالجة قضايا امتزجت بالحنين والطفولة والمعاناة، وذلك من خلال قصص إبداعية بلغة تصويرية استبصارية. كما أثرت الترجمة تجربته الأدبية، وساهمت في انتشار أعماله.

يرى الدكتور نجم أن عمله كطبيب نفسي يلعب دوراً في إلهام العديد من القصص التي يتناولها بأسلوب سردي فريد. وفي حوار مع صحيفة الحرية، تحدث عن تجربته الأدبية والطبية.

*الحرية: الموصل وبيئتك، ماذا قدمت لك كطبيب وأديب؟ وكيف كانت رحلتك في عالم الأدب؟

**د. حلمي نجم: الطفولة والمراهقة والشباب هي أهم الفترات التي يعيشها الإنسان، وبالأخص الأديب. إنها فترة تكوين الأحاسيس والمشاعر، والتفاعل مع المحيط والعائلة والناس والمجتمع. عندما يكون الطفل بحواسه الغضة وحسه المرهف منفعلاً بالمحيط، يدرك الأشياء نقية ويتأثر بها، فتنقش في وعيه ووجدانه. لذلك، تعد بيئة الإنسان الأولى طاغية على مجمل حياته، ويبقى يتذكرها على مدى حياته، ويتضاعف هذا التأثير إذا غادرها واغترب، خصوصاً إذا كانت الغربة قسرية. وكما قال شاعرنا الموصلي أبو تمام: "نقل فؤادك حيث شئت من الهوى، ما الحب إلا للحبيب الأول". الموصل هي الأم والأخت والحبيبة والمعلمة، فلولاها لما رأينا النور، ولولاها لما تعلمنا فك الخط، ولما درسنا الطب، ولولا مرضانا لما تعلمنا ممارسته. فهي حاضرة في كل يوم وكل دقيقة من حياتنا، وأصبحت حاضرة أكثر بعد الاغتراب وما مر بها من ويلات، فتعقدت تلك العلاقة والذكريات، وامتزجت بالحب والحنين والذكرى والافتقاد والحزن والشعور بالذنب. وكما تعلمين، فإن الفن والأدب هو مزيج من الوعي واللاوعي، وقد يكون تأثير الثاني هو الأكثر، فتظهر بالسلوك اليومي والعمل الأدبي، وهذا ما أحاول جاهداً عمله كجزء من وفاء الدين. وكما يقول الشاعر نزار قباني مخاطباً دمشق: "أنت النساء جميعاً، ما من امرأة أحببت قبلك إلا خلتها كذبا".

*الحرية: لماذا اخترت كتابة القصة وليس الرواية؟ وما الفرق بينهما برأيك؟ وهل قارئ اليوم يتجه للقصة أو الرواية؟

**د. حلمي نجم: لعل الكتابة أو الإبداع هي عملية قسرية، عندما ينفعل الإنسان، ويرتفع ضغط الانفعال، يبدأ بالبحث عن متنفس أو طريقة يقلل بها هذا الضغط أو يشعر أنه بحاجة للبحث عن شيء افتقده، فيبدأ بالبحث والتنقيب من خلال اكتشاف مكونات وعيه ولا وعيه، وقد تكون هي طريقة لتفريغ شحنات، قد تؤدي إلى الانفجار إن لم تتحرر. ولهذا يكون شكل الإبداع مفروضاً على المبدع أكثر ما يكون اختياراً، لأنه يجد ذاته في ذروة هذه العملية التي تكون في بعض الأحيان شاقة ومؤلمة. والإجابة عن سؤالك، لا أدري بالضبط، لعل ما استهواني بها أن مبدعيها على المستوى العالمي كانوا أطباء مثل أنطوان تشيخوف وسومرست موم، وعلى المستوى العربي يوسف إدريس، وكلهم أطباء، أو لعلها بوقعها السريع وتأثيراتها النفسية العميقة، هو ما استفزني.

*الحرية: كطبيب نفسي، هل كان لمجالك دور في مسيرتك الإبداعية وترجمة ذلك كقصص؟

**د. حلمي نجم: لعل العكس هو الصحيح، حيث كنت أكتب القصة والمقال قبل دخولي الكلية الطبية، وربما اخترت الطب النفسي لأنه يولف بين الطب وشغفه ورعايته للإنسان، والأدب وتعامله مع ذروة الأزمات والانفعالات التي تعتري الإنسان والمجتمع وتهدد كينونته، ويحاول تجسيدها ثم يجد لها الحلول، فيجعل الواقع أكثر جمالاً، والفرد والمجتمع أكثر مرونة بالتعامل مع تلك الأزمات، ويستشرف مستقبلاً أكثر بهجة ورقياً ويدفع الفرد والمجتمع لمقاومة القهر والإذلال ويبشر الجميع بأن أسعد اللحظات هي التي لم تأتِ بعد.

*الحرية: ماذا تحدثنا عن تجربتك في الترجمة؟ وهل الكتب المترجمة تأخذ شهرة أكثر برأيك؟

**د. حلمي نجم: لعلي اتفق مع مقولة أن الترجمة خيانة، ولكنها خيانة جميلة، لأنها إبداع بحد ذاتها، وقد تتطلب مهارات أكثر من الإبداع، حيث تتطلب إتقان لغتين بشكل كامل، وكذلك المرونة والقدرة على تطويع النص إلى اللغة الثانية من دون الإخلال بمستواه الإبداعي والرمزي. وتبقى الترجمة عملية إبداعية قد تغني العمل الأدبي وتسهم بالتنوير باللغة التي تنقل إليها، وبهذا تستحق أن تشتهر. تجربتي بالترجمة كانت ممتعة للغاية، لأني كنت أدرس الطب باللغة الإنكليزية، وبما أني شغوف بقراءة الأدب، استهوتني قراءته باللغة الانكليزية، ومن ثمة أغرتني ترجمته. صدر للكاتب والمترجم العراقي د. حلمي مجموعة قصصية بعنوان "عندما التقيت ملتون"، وفي الترجمة نذكر "قد تكون أنت (انشطار الذهن) لـ بيتر مالكير" و "علم النفس التجريبي لـ وليام بارينز".

المصدر: اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية

مشاركة المقال: