اتهمت الجزائر، يوم الخميس، فرنسا بـ "التبرؤ من مسؤولياتها" في الأزمة الثنائية بين البلدين. وأعربت وزارة الخارجية الجزائرية في بيان لها عن استنكارها لقرار باريس تعليق اتفاق الإعفاء من التأشيرة لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية والخدمة.
وذكرت الخارجية الجزائرية أن رسالة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "تبرئ فرنسا بشكل تام من كامل مسؤولياتها، وتلقي باللائمة كاملة على الطرف الجزائري. ولا شيء أبعد عن الحقيقة والواقع من هكذا طرح".
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد وجه حكومته، يوم الأربعاء، للتحرك "بمزيد من الحزم والتصميم" تجاه الجزائر، مشيراً إلى "مصير" الكاتب بوعلام صنصال والصحافي كريستوف غليز المسجونين في الدولة المغاربية، وطلب اتخاذ "قرارات إضافية" في هذا الصدد.
وأكدت الخارجية الجزائرية أنها لم تبادر بطلب إبرام اتفاق ثنائي يعفي حاملي جوازات السفر الدبلوماسية والمهمة من التأشيرة، بل كانت فرنسا وحدها من بادرت بهذا الطلب في مناسبات عديدة. وأضافت أن قرار فرنسا بتعليق هذا الاتفاق أتاح للجزائر الفرصة المناسبة لنقضه بكل بساطة ووضوح.
وفي رسالة إلى رئيس وزرائه فرنسوا بايرو، نشرتها صحيفة لوفيغارو، قال ماكرون إنه "يجب على فرنسا أن تكون قوية وتحظى بالاحترام".
وبرر الرئيس الفرنسي توجيهاته بالإشارة إلى الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال، الذي حُكم عليه بالسجن خمس سنوات بتهمة "تقويض الوحدة الوطنية"، والصحافي الفرنسي كريستوف غليز، الذي حُكم عليه بالسجن سبع سنوات في الجزائر بتهمة "تمجيد الإرهاب".
ومن بين التدابير الواردة في الرسالة، طلب ماكرون من الحكومة أن تعلق "رسميا" تطبيق الاتفاقية المبرمة عام 2013 مع الجزائر "بشأن الإعفاءات من التأشيرة لجوازات السفر الرسمية والدبلوماسية".
وأكدت الخارجية الجزائرية أن فرنسا اختارت معالجة الأزمة بين البلدين "بمنطق القوة والتصعيد"، ولجأت إلى "التهديدات والإنذارات والإملاءات".
وعلق خالد درارني، الصحافي وممثل منظمة مراسلون بلا حدود لشمال إفريقيا، على منصة إكس بأن التبريرات الرسمية (نقص التعاون في مجال الهجرة وطرد الدبلوماسيين) غير مقنعة، معتبراً أن السبب الحقيقي هو عدم صدور عفو رئاسي عن بوعلام صنصال.
ورأى ممثل منظمة مراسلون بلا حدود أن ماكرون "حسم الأمر" واصطف وراء تصرفات وزير داخليته المفرطة بشأن المسألة الجزائرية، مما أضعف آمال التهدئة بين الجزائر وباريس.
وشدد الرئيس الفرنسي على أن هدفه يظل استعادة علاقات فعالة وطموحة مع الجزائر.
وأكد رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو أن بلاده "لا تتبنى المواجهة الدائمة" مع الجزائر وتأمل أن تستعيد يوما ما علاقات متوازنة وعادلة.
وكتب مدير مركز الدراسات والبحوث حول العالم العربي والمتوسط حسني عبيدي على منصة إكس أن رسالة الرئيس ماكرون إلى رئيس وزرائه تمثل فشلا جماعيا في إدارة أزمة مكلفة للغاية لكلا البلدين، واصفاً إياها بالاصطفاف الكامل مع سياسة الضغوط.
وفي رأي عبيدي أن قرارات الرئيس الفرنسي ستؤدي الى تعزيز خيار القطيعة الدبلوماسية التامة.
وأعلنت الجزائر، يوم الخميس، إنهاء استفادة سفارة فرنسا لديها منذ عقود من أملاك تابعة للدولة في شكل مجاني، وإعادة النظر في عقود إيجار مبرمة مع مؤسسات فرنسية أخرى على الأراضي الجزائرية.
ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية بياناً للخارجية الجزائرية قالت فيه إنه تم استدعاء القائم بالأعمال الفرنسي وإبلاغه بقرار السلطات الجزائرية إنهاء استفادة سفارة فرنسا بالجزائر من إجراء الوضع تحت تصرفها، وبصفة مجانية، عدداً من الأملاك العقارية التابعة للدولة الجزائرية.
وبحسب تقرير للوكالة الجزائرية يعود إلى آذار/مارس، تستأجر فرنسا 61 عقاراً في الجزائر بأسعار مغرية، وأحياناً مقابل بدل "رمزي"، بينها 18 هكتاراً للسفارة الفرنسية وأربعة هكتارات لمقر إقامة السفير في الجزائر العاصمة.