في الثامن من كانون الأول، الذي انتظرناه طويلاً كخلاص، تبدّل العالم فجأة. الكهرباء تصل قبل وصولي إلى المنزل، والمياه تتدفق باستمرار، والقانون يبتسم في وجهي في الشارع. المعتقلات أصبحت مجرد ذكرى سيئة، ولكن في مكان ما، يتربص الكابوس.
سناك سوري-أحلام وردية
بعد سقوط النظام، أُغلقت السجون وفُرغت المعتقلات، وتحولت إلى ذكرى سوداء. حتى صيدنايا أصبح معرضاً وثائقياً يذكرنا بأن الظلم لا يدوم والظالم لا يبقى.
أصبح بإمكاني أن أصرخ ضد الظلم في منتصف الشارع، وسيأتي الشرطي ليصافحني ويقول: "أحسنتِ، نحتاج إلى أصوات حرة مثلك". لم يعد أحد يتهمني أو يهددني ببطش القانون، الذي أصبح يطبق على الجميع، حتى المسؤول يقف في الدور في دائرة النفوس!
صار راتبي يفيض عن حاجتي، أشتري ما أريد وأدخر البقية لقضاء إجازة صيفية على شاطئ البحر. لم أعد أعمل بوظيفتين أو ثلاث، ولا أحد يستغلني براتب زهيد فقط لأني "سورية محتاجة". في الحقيقة، العمل صار هواية، طموح، إشغال وقت لا وسيلة لتأمين لقمة العيش.
لم أعد أخشى التصوير في الشارع، يكفي أن أخبرهم أنني "زميلتكم بالسلطة الرابعة"، ليبتسموا ويشكروني ويقولون لي إنهم بانتظار "تحقيق مدسم" لكشف الفساد والجور والظلم!
مقالات ذات صلة
الطرقات آمنة، والزحمة اختفت، والناس تبتسم لبعضها بدل أن تزمجر. حتى الرصاص لم نعد نسمعه إلا في حفلات الأعراس، وبإذن رسمي من وزارة الفرح.
باختصار، سقط النظام، وصار عندي شعور دائم أنني في حلم جميل، وربما لأن اليوم هو اليوم العالمي للأمل، أتمسك بالوهم قليلاً قبل أن أفتح عيني لأجد نفسي في نفس الكابوس.
الوسوم