الثلاثاء, 12 أغسطس 2025 03:40 PM

العراق يغرق في الظلام: انهيار شبكة الكهرباء الوطنية مع ارتفاع قياسي في درجات الحرارة

العراق يغرق في الظلام: انهيار شبكة الكهرباء الوطنية مع ارتفاع قياسي في درجات الحرارة

شهدت معظم مناطق العراق انقطاعًا شبه كامل في التيار الكهربائي لعدة ساعات يوم الاثنين، وذلك بعد إعلان وزارة الكهرباء عن تعرض المنظومة الوطنية لـ"انطفاء تام". وأرجعت الوزارة السبب إلى الارتفاع القياسي في درجات الحرارة وزيادة الاستهلاك في محافظتي بابل وكربلاء.

تزامن هذا الانقطاع مع وصول درجات الحرارة إلى ما بين 48 و50 درجة مئوية في بغداد و11 محافظة في وسط وجنوب البلاد. وقد تجلى الضغط الكبير على الشبكة الكهربائية بوضوح في كربلاء، التي تشهد هذا الأسبوع توافد الملايين من الزوار الشيعة لإحياء ذكرى أربعينية الإمام الحسين.

تعتبر أزمة الكهرباء من أكثر المشكلات تعقيدًا في العراق، حيث تتفاقم الانقطاعات اليومية، خاصة في فصل الصيف عندما تقترب الحرارة من 50 درجة مئوية، مما يؤدي إلى موجة استياء شعبي متجددة في ظل بنية تحتية مهترئة وانتشار الفساد.

أوضح المتحدث باسم وزارة الكهرباء، أحمد موسى، في بيان أن "درجات الحرارة غير المسبوقة وارتفاع الطلب في بابل وكربلاء المكتظتين بالزوار أدى إلى انفصال خطي نقل للطاقة وخسارة مفاجئة لأكثر من ستة آلاف ميغاواط من الشبكة". وأضاف أن هذا الخلل تسبب في "تسارع ترددات وحدات التوليد وانفصالها الكامل عن الشبكة الوطنية".

وأعلنت الوزارة أن فرقها الفنية تعمل بشكل متواصل لإعادة الوحدات المنفصلة والخطوط الناقلة تدريجيًا خلال الساعات القليلة القادمة. وأفاد مركز السيطرة الجنوبية بوزارة الكهرباء مساء اليوم باستئناف تدريجي للطاقة الكهربائية في محافظتي ذي قار وميسان، مع الإشارة إلى أن عودة التيار للبصرة ستتطلب مزيدًا من الوقت وقد تستقر بحلول فجر الثلاثاء.

على صعيد آخر، لم يتأثر إقليم كردستان العراق بهذه الأزمة، حيث يتمتع بقطاع كهرباء خاص جرى تحديثه مؤخرًا ويكفي لتوفير الطاقة اللازمة للسكان دون انقطاع.

جاءت هذه الأزمة وسط موجة حر قوية يتوقع استمرارها لأكثر من أسبوع. وأوضح عامر الجابري، المتحدث باسم هيئة الأرصاد الجوية، أن وتيرة ودرجات الحرارة التي يشهدها العراق تعد غير مسبوقة مقارنة بالعقود الماضية. وأشار إلى أن البلاد تواجه اليوم موجات حر أشد وأطول من القرن العشرين، مرجعًا ذلك إلى التغير المناخي والعوامل البشرية.

ولفت الجابري إلى آثار الجفاف وتراجع الأمطار، كما حذر من "كارثة" التصحر وجرف الأراضي الزراعية. ونوه بأن "مولدات الكهرباء الخاصة، رغم فائدتها، إلا أن انبعاثاتها الغازية تساهم في زيادة حرارة الجو".

في مدينة القاسم بمحافظة بابل، أشار عامل البناء حيدر عباس (44 عامًا) إلى صعوبة العمل بسبب درجات الحرارة المرتفعة قائلاً: "درجات الحرارة عالية جدًا ولا أستطيع العمل بسببها". وأضاف: "نحصل على الكهرباء لساعتين نرتاح خلالهما، وظروفي المالية لا تسمح بشراء مكيف هواء".

سبق للعراق أن واجه في تموز/يوليو 2023 انقطاعًا واسعًا للكهرباء بسبب حريق في محطة نقل جنوب البلاد. وعلى الرغم من اعتماد أغلب العراقيين على المولدات الخاصة، إلا أن هذا البديل لا يكفي لتشغيل جميع الأجهزة المنزلية، خصوصًا أجهزة التكييف.

أوضحت السلطات أن العراق بحاجة لتوليد نحو 55 ألف ميغاواط لتأمين خدمة دون انقطاع، وقد بلغ إنتاج محطات الطاقة 28 ألف ميغاواط هذا الصيف لأول مرة.

يظل العراق، بحسب تصنيف الأمم المتحدة، من بين أكثر خمس دول تضررًا من التغير المناخي، ويعاني من آثار عقود من النزاعات وفساد مستشر في معظم القطاعات العامة. أ ف ب

مشاركة المقال: